(أ)
العصمة عن الذنوب والقبائح
قد تصافقت الشيعة الإمامية على عصمة الأنبياء والأوصياء صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الذنوب والقبائح (١) ، سواء كانت الذنوب صغيرة أم كبيرة قبل البعثة وبعدها منذ صغرهم حتى وفاتهمصلىاللهعليهوآلهوسلم ولا أحد من الشيعة الإمامية خالف ذلك ، قال المجلسي (قدسسره) : وهو مذهب أصحابنا.
وأمّا المعتزلة فقد جوّزوا عليهم الكبيرة والكفر قبل النبوة ، ومنع الأشاعرة عنهم المعاصي والذنوب وقت التبليغ وهو خيرة أكثر الأشاعرة منهم المفسّر فخر الدين الرازي.
والحق ما ذهب إليه أصحابنا الإمامية ويستدل عليه بأمور :
الدليل الأول :
إنّ تجويز الكبائر والصغائر على الأنبياء سواء قبل النبوة أم بعدها يعدّ منفّرا من قبول دعوتهم ولا تسكن النفوس إلى قبول أقوالهم لأنّ الهدف والغرض من بعثة الأنبياء إنما هو إيصال الأحكام والهدايات والإنذارات إلى من أرسلوا إليهم وهم الخلق ، وهذا أمر متوقف على إمكانية قبول الناس ما يصدر منهم بحيث لا يحمل معه مقتضيات الابتعاد عنه وإلّا كان خلاف الهدف والغرض ، والله سبحانه
__________________
(١) والفرق بين الذنوب والقبائح أن الأولى هي كل ما حرّمه الشارع المقدّس ، وأما الثانية فهي كل ما حرّم العقل ارتكابه حتى لو لم ينص عليه حكم شرعي كعدم اللياقة كأن يأكل النبي لما يستقبح أكله فإنه قبيح ولكنه ليس ظلما إذ ليس كل قبيح يعتبر ظلما.