الأحكام الواقعية الخفيّة على أكثر المكلّفين ، فيكون العمل بالأخبار ظاهرا من باب جبر الواقع المفوّت ، فالعمل بها إنما هو لتعيين الوظيفة الظاهرية ليس إلّا ، وهذا لا يقاس على سفراء الله المبينين لأحكام الواقع ، لا لتعيين الوظيفة الظاهرية التي يكشف عنها الخبر الواحد الذي ربما أصاب وربما أخطأ ، نعم في الأحيان يعيّن الأئمة عليهمالسلام للمكلّف وظيفته الظاهرية دفعا للمحذور الأشدّ كما في حال التقية رعاية لحفظ الأنفس وهو بنظر الشارع أهم من تبيين الحكم الواقعي.
٢ ـ إنّ إمكانية تصحيح الرسول بعد سهوه وذنبه لا يصحّح توبته عرفا لأنها غير مسقطة للنفرة عنه وعدم الميل والسكون إليه كما تقدم ؛ فيبقى صدور الخطأ ـ على فرض صدوره عن النبي ـ مشمولا للزوم التنفّر بعد التوبة وسقوط محله عن القلوب.
٣ ـ هذا الإمكان المذكور إن أريد به الإمكان العقلي فغير صحيح لمنافاته لأدلة العصمة ، وإن أريد به الإمكان الشرعي فلم يرد به نصّ معتبر يدل على أن نبيا ما أذنب ثم تاب ، وما ورد من عصيان آدم فمحمول على ترك الأولى.
الدليل الثاني :
إنّ الهدف من بعثة الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام هو اتباعهم والانقياد إليهم لقوله تعالى حكاية عن نبيه الأكرم : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ).
وإذا ثبت هذا بحق نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم ثبت بمناط واحد لبقية الأنبياء فلو لم نقل بعصمتهم للزم اتباعهم في موارد الخطأ والذنب والسهو وهذا مقطوع بعدم إرادته من الله تعالى ، لأنّ اتباع الخطأ والذنب تغرير بالحرام وهو قبيح لا يصدر من المولى.
إن قيل :
إنّ حرمة اتباع الأنبياء والأوصياء فيما لو صدر منهم خطأ أو سهو جهرا ، أما لو صدرا سرّا فلا يستدعي الاتباع ، وكذا في عهد الطفولة لأنه غير مبعوث بعد ليتبع ...
والجواب :
١ ـ ما ذكرناه في الجواب عن الإشكال الثاني يجري هنا بعينه.
٢ ـ إنّ فائدة حصول العصمة عند السفراء عليهمالسلام ليست لمجرّد الاتباع حتى