السبب قدرة على المسبب ، فإن العقل يحكم بأنّ السهو يمكن التحرّز منه ويؤيده سيرة العقلاء والمتدينين حيث يتحرزون عنه بالأعمال والرياضات النفسية والروحية وغيرها الصادرة من الأنبياء والأولياء عليهمالسلام.
وللسهو والنسيان أسبابهما هي :
أ ـ ضياع العقل بين الشهوة والغضب ، لأنّ الغرائز الجامحة تفقد حاكمية العقل فيختلّ التوازن فيسبّب السهو والنسيان ، وهذا مما لا ريب في عدم تحققه عند السفراء الإلهيين ، لأنّ من لم يغلب عقله شهوته وغضبه عدّ من أصناف البهائم.
ب ـ كثرة الهموم والأحزان وأكل الجبن والكزبرة وكثرة شرب الماء إلى غير ذلك مما يسبّب زيادة الرطوبة في الدماغ ، التي تعدّ من الأسباب الداعية إلى النسيان وتوابعه ، وقد وردت نصوص في كل ذلك.
وهناك أسباب عديدة للنسيان ذكرها المختصون بعلم الأعصاب منها :
١ ـ ضعف عملية التعلّم والاكتساب.
فالتعلم الناقص يضعف من عملية التحصيل ويعيق الاحتفاظ والخزن ، والمقصود بالتعلّم الناقص هو ذلك التعلّم الذي لا ينتهي بالقدرة على الاسترجاع الصحيح لموضوع التعلّم.
٢ ـ ضعف الرغبة الشخصية في تعلّم المادة ، وافتقارها إلى العناصر التشويقية.
٣ ـ الحالة الذهنية والنفسية غير الملائمة كالخمول وتشتت الانتباه وضعف التركيز أثناء التعلّم.
٤ ـ عامل الوقت ، حيث إنّ عدم اختيار الوقت المناسب للتعلّم واختزال الوقت اللازم للتعلم ، يضعف من ثبات مادة التعلّم ويجعلها أكثر تعرّضا للنسيان.
٥ ـ الكف السابق (الكف العكسي) : أي إشغال الفترة التي تعقب تعلّم المادة بتعلّم لمادة مشابهة أو منافسة.
٦ ـ التقادم الزمني : أي التباطؤ في استرجاع المعلومات التي اختزنها.
٧ ـ الإرهاق واضطراب النوم (كمّا ونوعا) إذ يضعفان كثيرا ، إذا أعقبا التعلّم ، القدرة على الاحتفاظ بالمادة المكتسبة (١).
__________________
(١) الذاكرة أمراضها وعلاجها : ص ١٠٠ للدكتور أحمد آل موسى.