(ج)
العصمة عن الخطأ في الرأي
الخطأ تارة يكون عن سهو ونسيان ، وأخرى عن جهل ، لأنّ الخطأ عبارة عن عدم تشخيص الحق أو الواقع في أغلب الأحيان ، إذ قد يصيب المخطئ الواقع من دون أن يقصده ، ولكنه في حالات نادرة جدا ، والخطأ رديف الجهل والنسيان ، إذ ربما يجتمع مع الجهل تارة ، ومع النسيان تارة أخرى مثاله : ما لو أنّ المعصوم حكم على شخص بحكم ، مع أنّ آخر هو المراد بالحكم ، فقد نسي وسها إنّ عرفه ، ثم توهّم غيره.
وقد جهل لو لم يسبق بأي علم أو معرفة بالمحكوم واقعا ، ففي هاتين الصورتين أخطأ المعصوم ، ولكنه في الأولى عن سهو ونسيان وفي الثانية عن جهل وعدم علم ، أما السهو فهو ملازم للخطأ دون العكس.
والخطأ بشتّى صوره ، يقبح صدوره من الأنبياء والأوصياء ، ولا يتصوّر صدوره ممن ذاب في العبودية ، وكان مرآة الحق جلّ وعلا يعكس عنها صفات الجمال والكمال والعظمة والبهاء ، ولو لم يسدّدوا عن الخطأ لدلّ ذلك ، إما على عدم القابلية وإما على عدم الجود الإلهي ، وكلاهما منفيان لأنّ القابلية متوفرة باعتبارهم صفوة الخلق ، ولأنّ فيضه تام ، والبخل به قبيح يتنزّه عنه المولى عزوجل.
والمراد من العصمة عن الخطأ في الرأي هو في مجال تشخيص الموضوعات الصرفة ، لا الأحكام الشرعية التبليغية إذ يجب أن يكون معصوما فيها حتى لا يقلب الحلال إلى حرام وبالعكس ، ولا الموضوعات التي يترتب عليها حكم كلي