خالد بهند ، فلو سئل المعصوم عنها ، وكان غير عالم بها واتفق وجود العالم بها ، فقد وجد حينئذ في الناس الأعلم من المعصوم ولو في الموضوعات الخارجية (١).
سادسا : جهلهم يستلزم السهو والنسيان وغيرهما أحيانا وذلك لو أننا قلنا بأنهم لا يعلمون بالموضوعات الصرفة ، لجاز عليهم السهو والنسيان ، بل لوقع منها قطعا ، ولجاز عليهم أيضا حرمان المستحق وإعطاء من لا يستحق ، بل لكثر عنهم الخطأ في الشئون الخارجية ، وتفويت الواقع أحيانا ، لأنّ هذه شئون لازمة للجهل لا محالة ولا ينفك عنها البشر ، وأي منقصة أكبر من ذلك للمعصوم ، وهو المنزّه عن النقائص.
سابعا : جهلهم يستلزم الحاجة للناس ، بمعنى أننا لو قلنا أنّ علمهم إرادي ، استلزم ذلك كون علمهم غير حاضر مما يستدعي احتياجهم إلى العالم من الناس فيما لو لم يعلمهم الله سبحانه إذا أرادوا العلم ، وحتى قبل إرادتهم العلم ، يكون بعض الناس أعلم منهم في الموضوعات التي يجهلونها ، فبذا يكون المعصوم قد احتاج إلى غيره في حين أنّ الغير محتاج إليه.
ثامنا : «إنّ قضية الخضر مع النبي موسى تشهد على بطلان الاتجاه الثالث ، وإلّا لما تكلّف عناء السؤال من الخضر عن حقيقة ما يفعل ، خصوصا أنه تراءى له فساد فعل الخضر عليهالسلام» (٢) ، أي لو كان علمهم إراديا لما احتاج موسى عليهالسلام أن يسأل الخضر عليهالسلام ، فلما لم يطلب من الله تعالى ـ ما دام علمه إراديا ـ أن يعلّمه من دون تجشم السؤال من الخضر عليهالسلام.
فإذا ظهر بطلان الثالث ، ثبت صحة الاحتمال الأول أي حضورية علومهم وفعليتها لما ذكرنا آنفا ، وثمة أدلّة أخرى تطلب من مظانها (٣).
اعتراض :
قد يقال : إنّ ثمة آيات ظاهرها نفي علم الغيب عن الأنبياء فتكون موافقة لروايات العلم الإنشائي ، من هذه الآيات :
__________________
(١) علم الإمام : ص ٥٩ للمظفر (قدسسره) بتصرّف بسيط.
(٢) عصمة الأنبياء : ص ٧٣ للسيد علي مكي.
(٣) لاحظ المعارف السّلمانية بتحقيقنا ، وعلم الإمام للعلّامة المظفر.