القرح واختلفت الدواب فيه حتى قذفوه على كناسة لبني إسرائيل ، فإن كلّ ذلك غير صحيح (والله أعلم) لأن أغلب هذه الروايات ضعاف الأسانيد وموافقة لأخبار العامة ولما ورد في التوراة أخبار الملوك الإصحاح الثاني : ص ٧٩٥ :
«فخرج الشيطان من حضرة الرب وضرب أيوب بقرح رديء من باطن قدمه إلى هامته» لذا استنكرها السيد المرتضى في تنزيه الأنبياء ص ٦٠ فلاحظ.
فالصحيح أن النبي أيوب ابتلي بأسقام موجعة جدا ولم يبتل بقيح أو نتن ريح وما شابه ذلك.
وهذا مضافا إلى أنّ المصنّف قدّس سره خلط الأمانة أو الصدق (وهما صفتان نفسيتان) مع طهارة المولد (وهي صفة خلقية) ، فالأولى أن لا يخلط بينهما لعدم وجود ربط أو ملازمة بين الصدق أو الأمانة وطهارة المولد. هذا مضافا إلى أنّ ذكر الأمانة والصدق لا يناسب المقام ، لأنّ عدم الأمانة خيانة وعدم الصدق كذب ، وهما من المعاصي التي قد فرغنا عن عصمتهم فيها ، فلا وجه لتكرارهما هنا عند ذكر اتّصافهم بالكمالات وتنزههم عن المنقصات الخلقية والخلقية.
الثاني : إنّ مقام السفارة الإلهية لا يمكن أن تناله أيدي الناس ، لأنّ تعيينه بيد الله تعالى علّام الغيوب ، المطّلع على سرائر القلوب ، فلا يناله إلّا المقرّبون المخلصون المعصومون ، وكل هذه الصفات من التقرب والإخلاص والعصمة أمور خفية لا يعلمها إلّا هو ، لأنّ مقام السفارة يستدعي أن يكون صاحبها منزّها طاهرا من كل رجس وإلّا كيف يأمر بالطهارة والعفة من كان رجسا نجسا ومشينا؟!
النقطة الثانية : ولا يتهم العامة على العالم بأسره :
لا شك أنّ للأنبياء والأولياء الكاملين عليهمالسلام الولاية والسلطنة التشريعية ، والرئاسة العامة في كل الأمور على جميع الخلق بدون استثناء وإلّا لاختلّ نظام العالم إن لم يكن له راع يحفظ مصالح الناس ويدير شئونهم وأحوالهم ، والاعتناء بهم وبمصالحهم وهذا لا يتم إلّا عبر إجراء أحكام وقوانين شاملة وواقية لاحتياجاتهم ، ليس فيها أي نقص أو زيادة ، بل هي معتدلة على مراسيم الفطرة التي خلق الناس عليها ، وهذه منحصرة بمن بيده الاطّلاع على السرائر والضمائر ، حيث أجرى هذه الأحكام طبقا لموازين الفطرة الإلهية ، ولا تكون هذه الأحكام منجزة بحقهم ما لم تصل إلى مرحلة الفعلية والبلاغ ، فلا بدّ من واسطة عبرها يتم