ما ذا قال العامة؟
ذهب أكثر الأشاعرة إلى أنه لا يشترط في آباء الأنبياء أن يكونوا موحّدين ، حتى قالوا بكفر والديّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وفسّروا قوله تعالى : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) بأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يتصفّح أحوال المجتهدين ليطّلع على أسرارهم لينظر ما يصنعون لحرصه على ما يوجد منهم من الطاعات ، فوجدها كبيوت الزنابير لما يسمع منها من دندنتهم بذكر الله ، وحملوا (السَّاجِدِينَ) على المصلّين (١).
ثم استدلوا بأمور :
١ ـ إنّ القرآن الكريم نصّ على كفر آزر والد إبراهيم عليهالسلام حيث قال : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (التوبة / ١١٤).
وقال أيضا : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الأنعام / ٧٥).
مفاد الآيتين المباركتين :
أنه ليس للنبي وغيره من المؤمنين أن يستغفروا للمشركين بعد علمهم أنّ هؤلاء لا يستحقون الرحمة والمغفرة لإنكارهم وحدانية الباري عزوجل وهذا بنفسه يستوجب الخلود في النار ، وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلّا من أجل وعد قطعه إبراهيم لأبيه.
والجواب :
١ ـ هناك تفسيران «للموعدة» :
أحدهما : إنّ الموعدة كانت من المستغفر له للنبي إبراهيم عليهالسلام أنه سيؤمن إن استغفر له لذلك ، فلما تبيّن له بعد ذلك «أنه عدوّ لله تبرّأ منه».
ثانيهما : إنّ الوعد كان من إبراهيم عليهالسلام بالاستغفار ما دام يطمع في
__________________
(١) تفسير الرازي : ج ٢٤ ص ١٧٣ وتفسير البيضاوي : ج ٢ ص ١٦٨ ط. دار الكتب العلمية.