ولا سبيل للمسلمين اليوم وبعد اليوم إلّا أن يرجعوا إلى أنفسهم فيحاسبوها على تفريطهم ، وينهضوا إلى تهذيب أنفسهم والأجيال الآتية بتعاليم دينهم القويمة ، ليمحوا الظلم والجور من بينهم. وبذلك يتمكنون من أن ينجوا بأنفسهم من هذه الطامة العظمى ، ولا بد بعد ذلك أن يملئوا الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا ، كما وعدهم الله تعالى ورسوله وكما هو المترقب من دينهم الذي هو خاتمة الأديان ، ولا رجاء في صلاح الدنيا وإصلاحها بدونه. ولا بد من إمام ينفي عن الإسلام ما علق فيه من أوهام وألصق فيه من بدع وضلالات ، وينقذ البشر وينجيهم مما بلغوا إليه من فساد شامل وظلم دائم وعدوان مستمرّ واستهانة بالقيم الأخلاقية والأرواح البشرية. عجل الله فرجه وسهّل مخرجه. انتهى كلامه (قدّس سره).
* * *
يبحث في هذا الباب عن جامعية وعالمية دين الإسلام وأكمليته وأفضليته على كل الأديان السماوية المتقدمة عليه كالنصرانية واليهودية ، بل هو ناسخ لها ، حاكم عليها ، وفي الباب الآتي (مشرّع الإسلام) نبحث في خاتمية الرسالة الإسلامية وأنه لا شريعة بعد شريعة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
جامعية الإسلام :
بعد أن ثبتت نبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يلزم الإيمان به كنبي عظيم ، والإيمان بكل الآيات النازلة عليه ، وبجميع الأحكام والتعاليم المنزّلة من الله تعالى والإيمان بالأنبياء المتقدمين عليه وبما جاءوا به ، لا يستلزم لزوم العمل وفق شرائعهم ، فالملاحظ عند المسلمين أنهم يؤمنون بكل الأنبياء العظام وجميع الكتب السماوية النازلة عليهم ، ولكن لا يمكنهم ولا يجوز لهم العمل بالشرائع السابقة ، بمعنى أنه لو تمكّن الفرد من العلم بالأحكام الصحيحة الموجودة في التوراة والإنجيل فلا يجوز له العمل بها ، لبطلان العمل بتلك الشرائع مع وجود رسالة الإسلام الناسخة لغيرها ، ولأنّ الوظيفة العملية لكل أمة هي العمل بتعاليم النبي المرسل لتلك الأمة ، إذ من الملاحظ بشرائع الأنبياء ، أن شريعة اللاحق كانت أكمل من السابق ، ومن الملفت للنظر عند أرباب الفكر والأدب والفلسفة أن الإسلام بدساتيره العظيمة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والأخلاق والسنن والآداب حتى الدخول إلى المرحاض ومعاشرة المرأة في الفراش ، يدلّ بالدلالة الواضحة أنه