١ ـ الدليل العقلي :
إنّ العقل يحكم بأنّ الإنسان لم يخلق عبثا ، وإنما خلق لغاية هي أسمى وأرفع منه وهي عبادة الله الواحد الأحد (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات / ٥٧) والطريق إلى الله بالعبودية لا يعرف إلّا بالأنبياء والرسل ، الذين جاءوا بدساتير وأحكام تؤهل الفرد والجماعات إلى السعادة في الدارين ، وكلما كانت الشريعة أشمل وأكمل كلما كان الوصول إلى الهدف أسهل وأسرع ، لذا لم نر دينا أو رسالة هي أتمّ وأكمل من رسالة الإسلام الحاوية لكل ما يحتاجه المرء على كل الصعد والنواحي ، ويشهد له دساتيره وقوانينه الحقة التي تميّزت عن بقية الأديان بدقة أحكامها وشموليتها بل لا يمكن قياسها على غيرها من الأديان لعدم توفّر أحكام وتشريعات في الديانتين اليهودية والمسيحية ، لاقتصارهما على مجرد النصائح والارشادات ، هذا فيما يتعلق بكتابيهما المعروفين بالعهدين القديم والجديد ، أما كتاباهما الصحيحان المفقودان في وقتنا الحاضر ، ففيهما بعض الأحكام التشريعية التي كان المجتمع بحاجة إليها يوم ذاك ، فكانت الشريعتان ـ اليهودية والنصرانية ـ لمرحلتين زمانيتين محدودتين ، بعكس الإسلام الذي لا يحدّه زمان أو مكان بل هو لكل الأجيال ، ففيه من الكليات الأساسية المستنبطة من الكتاب والسنّة ، ما يقدر بواسطته على بيان حاجات الناس في جميع أمورهم من الاعتقادات والآداب والسنن وتشريع الأنظمة والقوانين الاقتصادية والقانونية والزراعية والاجتماعية ، وكل ما يتطلبه الفرد أو الجماعات لتنظيم شئونهم وأحوالهم.
٢ ـ الدليل القرآني :
لا شك أنّ القرآن الكريم هو أفضل الأدلة ، وأكثر المصادر اعتبارا على عالمية دين الإسلام وأنه للناس كافة ، وليس للعرب وحدهم كما توهّم جماعة من المستشرقين المعادين للإسلام ، «معتقدين أن عالمية الرسالة الإسلامية قد ظهر فيما بعد ، وأنّ محمدا اقتصر في دعوته من بدء رسالته إلى لحظة وفاته على العرب ، ولم يكن محمّد يعرف أي مكان غير الجزيرة العربية» (١).
ولو ألقى المرء نظرة ـ ولو عابرة ـ على هذا الكتاب الإلهي يدرك بكل
__________________
(١) سيد المرسلين : ج ٢ ص ٣٥٤.