الشبهة الرابعة لمنكري الرجعة حيث قال :
إنّ جبرائيل أعلم من الإمام ومن الأنبياء ، فإنّ علمهم وصل إليهم بواسطته.
وفيه : إنّ أعلمية جبرائيل من الإمام وغيره من الأنبياء مناف لسجود الملائكة كلهم «أجمعين لآدم عليهالسلام ، وتعلّمهم الأسماء منه ، واعترافهم بعدم العلم (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) ولنصوص كون الأئمة أول ما خلق الله ومن نورهم اشتقّ خلق السماوات والأرضين ، وأنهم معلّمو الملائكة التسبيح والتقديس.
وعلى ذلك فوساطة جبرائيل في علمهم في هذه النشأة ليس من جهة الجهل والنسيان بل إنما هو من باب دلالة كثرة الأعوان على عظمة السلطان لا على العجز والنقصان ، وذلك لأنّ غاية مرتبة الملائكة الرسالة ولا يمتنع اجتماعها مع الجهل في الجملة ، بخلاف الإمامة أو النبوة فإنّ أول مرتبتها الرئاسة العامة الممتنع اجتماعها مع منقصة الجهل عقلا ونقلا.
... بعد أن ثبت أفضلية الأنبياء على الملائكة ، لا بدّ أن يكون أحد الأنبياء أفضلهم ، لتفاوت العقول والكمالات لما ورد في الكتاب الكريم بقوله تعالى :
(وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) (يوسف / ٧٧).
(وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) (الزخرف / ٣٣).
(مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) (البقرة / ٢٥٤).
(وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) (الأنعام / ١٦٦).
وقد أجمعت الأمة الإسلامية بأكملها على أفضلية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على الأنبياء والمرسلين منذ آدم إلى من دونه سوى العترة فهم نفسه (وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ).
ويستدل على أفضليته على الأنبياء والمرسلين بوجوه :
الأول :
إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أكثر الأنبياء كمالات في القوة العلمية والعملية فيكون أفضل.
قد تقول : من أين أثبّت أنه أكثرهم قوة وعلما وعملا؟
أجيب : إنّا أثبتنا ذلك لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أكثرهم فيضانا للعلوم ، وأعمّ نورا من أكثرهم ، فوجب أن يكون أفضل.