واحدة «أولنا محمد وأوسطنا محمد وآخرنا محمد» ، ففي محمّد وآله من أحديته تعالى بقدر دلالتهم عليه تعالى بالأحدية وذلك قوله في محمّد وآله : «بهم ملأت سماءك وأرضك حتى ظهر أن لا إله إلّا أنت» (١). فالله سبحانه أظهر لنا أحديته وبساطته وطيه للأشياء بأول خلقه ، فجميع ما ترى في الملك ظهورات آل محمد سلام الله عليهم وآياته ، وجميع الأبدان في الملك مرايا ظهور نورهم ، وجميع الحجج أعضاؤهم وجوارحهم ، وجميع أوليائهم ألسنتهم ، فالخاتم مؤثر الأنبياء وجميع النورانيين آثاره وآثاره آثاره ، وهو الظاهر من الأنبياء ، بل أقول إنّ النبي الكامل في حقيقته هو الخاتم بأي معنى كان فإنه إما من «النبأ» بمعنى الخبر فهو النبي أي المنبئ أو من «النبوة» بمعنى الرفعة ، فهو النبي أي الرفيع ، وهو المخبر عن الذات والمرتفع عن كل الآيات ، وكل نبي صار نبيا بسبب حكاية نوره ورفيعا لكونه مظهرا لنوره فهو أول الأنبياء وآخرهم وأول الحجج النبوية وآخرها ، وينبؤك عن كل ذلك قوله تعالى : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) والأنبياء هم الساجدون ، وقال عليهالسلام : إنّ لنا مع كل ولي أذنا سامعة وعينا ناظره ولسانا ناطقا ، وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام وروحي فداه : «أنا الأول أنا الآخر أنا الظاهر أنا الباطن» ، فإذا كان الأمر هكذا فهو الظاهر من الأنبياء والمرسلين والملائكة المقرّبين والحجج المكرمين والمؤمنين الممتحنين فأرني غير محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وعترته الطاهرة عليهمالسلام حتى أثبت لك وجوده ونبوته ولا غير له ولا لوصيه فهو الكل ووصيّه الجلّ ، فما ذا أقول في من جميع الأنبياء وجوهه وآياته ونسبة الكل إليه نسبة الأثر إلى المؤثر بلا تفاوت ، نعم بدنه الشريف من بين الآثار كان أحكى لكمالاته وإن كان نسبة الجميع واحدة بالنسبة إلى ذاته.
الأمر الثاني : دليل الشرع :
الآية الأولى : قوله تعالى : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (الأحزاب / ٤١).
__________________
(١) من دعاء مولانا ومقتدانا الإمام الحجّة (عج) الشريف في أيام رجب لاحظ أدعية أيام رجب في مفاتيح الجنان ، وقد ورد في نفس الزيارة أيضا : «أسألك بما نطق فيهم من مشيئتك فجعلتهم معادن لكلماتك وأركانا لتوحيدك وآياتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك ، لا فرق بينك وبينها إلا أنهم عبادك وخلقك ... فلاحظ الدعاء.