يقصد أنها جزء منه ، كما لا يجوز لمن كان على غير طهارة أن يمس كلماته أو حروفه (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) ، سواء كان محدثا بالحدث الأكبر كالجنابة والحيض والنفاس وشبهها ، أو محدثا بالحدث الأصغر حتى النوم ، إلّا إذ اغتسل أو توضأ على التفاصيل التي تذكر في الكتب الفقهيّة.
كما أنه لا يجوز إحراقه ، ولا يجوز توهينه بأي ضرب من ضروب التوهين الذي يعد في عرف الناس توهينا ، مثل رميه أو تقذيره أو وضعه في مكان مستحقر ، فلو تعمد شخص توهينه وتحقيره بفعل واحد من هذه الأمور وشبهها ، فهو معدود من المنكرين للإسلام وقدسيته المحكوم عليها بالمروق عن الدين والكفر برب العالمين.
* * *
تعرّض المصنف (قدسسره) في هذا الباب إلى نقطتين مهمتين :
الأولى : كون القرآن معجزة إلهية ، ووجوه الإعجاز فيه.
الثانية : صيانته عن التحريف.
أما النقطة الأولى :
فمما لا ريب فيه عند المسلمين أنّ القرآن كتاب سماوي يحتوي على شتّى العلوم والمعارف والأخلاق والقوانين ، وكل ما يحتاجه الفرد والجماعة ، وهو المعجزة العلمية الكبرى التي تفرّد بها الله سبحانه على النبي الكريم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم دون سواه من الأنبياء والرسل ، وهو الكتاب الوحيد الذي أعلن بقوة وبصراحة تامة أنّ أحدا لا يمكنه أصلا أن يأتي بمثله ، حتى جماعات الإنس والجن لن يتمكنوا لو اجتمعوا أن يأتوا بمثل سورة من القرآن ، قال تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الإسراء / ٨٩) ، (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (يونس / ٣٩).
وعدم قدرة الجن والإنس قديما وحديثا على الإتيان بمثله ومجاراته دليل صدق محمد وسطوع نوره عبر الأجيال إلى يوم القيامة ، وقد ردّ سبحانه كل المشكّكين بمعجزة النبي محمّد (حيث نسب بعضهم أنّ القرآن من صنع محمد بن عبد الله ، وافترى بعضهم بالقول أنّ الشياطين تنزّلت به عليه ، كما يعتقده