يكتفي بإيمانه بالمسيح عليهالسلام ، بل يجب أن يبحث ويفحص عن الإسلام وصحته ، ولا يعذر في القناعة بدينه من دون بحث وفحص ، لأنّ اليهودية وكذا النصرانية لا تنفي وجود شريعة لاحقة لها ناسخة لأحكامها ، ولم يقل موسى ولا المسيح عليهماالسلام أنه لا نبي بعدي.
* * *
أقول : بل على العكس من ذلك ، فقد وردت البشارات من الأنبياء الماضين في حق نبينا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأوصافه ، وهذه البشارات كانت واضحة بحيث لا مجال لإنكار نبوته كما نص على ذلك القرآن الكريم بقوله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة / ١٤٧).
وصرّح بأن موسى وعيسى عليهماالسلام بشّرا بالنبي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث قال تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الأعراف / ١٥٨).
وقال أيضا حكاية عن عيسى عليهالسلام :
(وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) (الصف / ٧).
«وقد آمن كثير من اليهود والنصارى بنوبته في زمن حياته وبعد مماته ، وهذا يدلنا دلالة قطعية على وجود هذه البشارة في الكتابين المذكورين في زمان دعوته ، ولو لم تكن هذه البشارة مذكورة فيهما لكان ذلك دليلا كافيا لليهود والنصارى على تكذيب القرآن في دعواه ، وتكذيب النبي في دعوته ، ولأنكروا عليه أشدّ الإنكار ، فيكون إسلام الكثير منهم في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعد مماته وتصديقهم دعوته دليلا قطعيا على وجود هذه البشارة في ذلك العصر ، وعلى هذا فإنّ الإيمان بموسى وعيسى عليهماالسلام يستلزم الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من غير حاجة إلى