يعلموا حتى يكون الله هو المعلّم لهم ، فإذا علّمهم فعليهم أن يعلموا (١).
وعن درست عن بريد بن معاوية عن ابن عبد الله عليهالسلام قال : ليس على خلقه أن يعرفوا وللخلق على الله أن يعرّفهم ، ولله على الخلق إذا عرّفهم أن يقبلوا (٢).
وعن الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد الله عليهالسلام قال :
إياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك : إياك أن تفتي الناس برأيك أو تقول ما لا تعلم (٣).
يتلخّص مما ذكرنا : أن بالعقل يعرف خالق الوجود ؛ أما كيف يستقل العقل بوجوب المعرفة فيستدلّ عليه بدليلين :
الأول : كون المعرفة دافعة للخوف الحاصل للإنسان من اختلاف النوع في الديانات وإثبات الصانع الحكيم ، حيث يجد من نفسه خوف العقاب المظنون الوقوع فيه لو ترك المعرفة ، وذلك ضرر واجب دفعه عن النفس بحكم ضرورة العقل.
الثاني : ويتألف من مقدّمتين :
الأولى : أن شكر المنعم واجب.
الثانية : ولا يتم شكره إلّا بالمعرفة.
أما الأولى : فلأنه تقرر عند العقلاء وجوب شكر كل من أنعم على آخر ، فترك شكره قبيح عندهم يوجب التوبيخ والملامة.
وأمّا الثانية : فلأن العاقل إذا فكّر في كيفية خلقه ، وجد آثار النعمة عليه ظاهرة ، وقد تقرّر في عقله وجوب شكر المنعم ، فيجب عليه شكره ، فتجب حينئذ معرفته ، وإلّا فكيف يشكر مجهولا.
وبعبارة أخرى :
إن ترك طلب المعرفة يستلزم ترك شكر المنعم ، وتضييع حقه على تقدير وجوده ، وحيث إنّ تضييع حق المنعم ظلم وقبيح ، وشكره واجب ، فطلب
__________________
(١) لاحظ المحاسن للبرقي ص ٢٠٠ باب الهداية من الله عزوجل.
(٢) أصول الكافي ج ١ / ص ١٦٤ ح ١ باب حجج الله على خلقه.
(٣) أصول الكافي ج ١ / ٤٢ ح ١.