بد أن يتيقن بينه وبين نفسه وبينه وبين الله تعالى. فإنه لا مجاملة هنا ولا مداهنة ولا تحيّز ولا تعصّب. نعم لا بد أن يتيقن بأنه قد أخذ بأمثل الطرق التي يعتقد فيها بفراغ ذمّته بينه وبين الله من التكاليف المفروضة عليه منه تعالى ، ويعتقد أنه لا عقاب عليه ولا عتاب منه تعالى باتباعها وأخذ الأحكام منها ولا يجوز أن تأخذه في الله لومة لائم (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً). وأول ما يقع التساؤل فيما بينه وبين نفسه أنه هل يأخذ بطريقة آل البيت ، أو يأخذ بطريقة غيرهم. وإذا أخذ بطريقة آل البيت فهل الطريقة الصحيحة طريقة الإمامية الاثني عشرية أو طريقة من سواهم من الفرق الأخرى؟ ... ثم إذا أخذ بطريقة أهل السنة فمن يقلد المذاهب الأربعة أو من غيرهم من المذاهب المندرسة؟ ... هكذا يقع التساؤل لمن أعطى الحرية في التفكير والاختيار حتى يلتجئ من الحق إلى ركن وثيق.
ولأجل هذا وجب علينا ـ بعد هذا ـ أن نبحث عن الإمامة ، وأن نبحث عمّا يتبعها في عقيدة الإمامية الاثني عشرية.
* * *
أقول : ذكر المصنّف (قدسسره) هنا أن على المكلّف الرجوع إلى طريقة أهل البيتصلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّ الرجوع إليهم في الأحكام هو الرجوع إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّ علمهم علمهصلىاللهعليهوآلهوسلم ومعارفهم معارفه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمصنف ذكر لزوم الرجوع إليهم في أخذ الأحكام من باب المماشاة والحدّ الأقل من الرجوع إليهم لأن العامة يأخذون بأخبار كل الفرق إلا أخبار الإمامية ، حيث لا يرجعون في القضاء والفتاوى إلى جوامع أحاديثنا ، مع أنّ أصولنا أصح سندا وأتقن متنا ، إذ كلها صادرة من أهل البيت الذين طهّرهم الله وأذهب عنهم الرجس بنص آية التطهير والأحاديث الصادرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا حجة حينئذ لهم عن الإعراض عن جوامع أحاديثنا بل الحجة عليهم.