والدليل بل اكتفى بالاعتقاد واليقين الحاصلين من قول الغير ، وقيام السيرة على ذلك دليل على عدم وجوب تحصيل الاعتقاد بالنظر. فلزوم النظر والاجتهاد في أصول الاعتقادات على كل المكلفين متعسر بل متعذر ، نعم لا يبعد وجوبه على جماعة كفائيا.
بقي أمران :
الأول : عدد الأصول الاعتقادية.
الثاني : الفرق بين أصول الدين والمذهب.
أما الأمر الأول :
فالأصول الاعتقادية كثيرة أهمها وأعظمها خمسة تسمى بأصول الدين هي : التوحيد ـ العدل ـ النبوة ـ الإمامة ـ المعاد.
وعلى هذا التقسيم إجماع الشيعة الإمامية ، والخارج عنه شاذ لا يعبأ به.
وقد ارتأى أحدهم أنها ثلاثة عدا الإمامة والعدل حيث أدرج الإمامة تحت النبوة ، والعدل تحت التوحيد ، فتكون الأولى جزءا من النبوة والثانية جزءا من التوحيد.
لكن يرد عليه :
أولا : إن مقام الإمامة أعظم من مقام النبوة ، فكيف يجعل الأرفع جزءا من الأدون؟ ولا يتوهم أنّنا ندّعي أن مقام أئمتنا أرفع من مقام النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل إن مقاماتهم واحدة ، فمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم له منصبان خطيران :
مقام النبوة ومقام الإمامة. فمقام إمامته أعظم من مقام نبوته ، وقد فصّلنا ذلك في تعليقتنا على مراجعات شرف الدين فلاحظ.
ثانيا : إن هذا التقسيم غير قسيم إذ يمكننا أن نجعل الأصول أصلا واحدا بحيث نضغط الجميع تحت أصل التوحيد ، فيكون أصلا والبقية فروعا له ، وذلك واضح عند التأمل.
هذا وقد جعل المصنف الأصول أربعة حيث عدّ العدل من الصفات الفعلية لله عزوجل ، لكن الأصح ما ذكرناه لما تقدم ، ولأن العدل من المسائل التي انفردت به الإمامية ، أما الأشاعرة أتباع أبي الحسن الأشعري فقد جعلوا الجبر أحد الركائز الاعتقادية الهامة عندهم حيث نسبوا إليه تعالى ما لا يليق بشأنه جلّ جلاله