منفصلتين بل هما مرحلتان مختلفتان لحقيقة واحدة.
فالنفس هي شعاع الروح الممتد أو المنبعث من الروح عند النوم ، لأن النوم نوع من أنواع قبض الروح ، أو بعبارة : انفصال جزئي عن الجسد. وهذا الشعاع الممتد شعاع خافت يشعّ في ذلك الجسد ليبقي الحياة في الأعضاء الجسدية كدوران الدم وضربات القلب ونشاط الجهاز التنفسي وغيرها من الأعضاء الرئيسية ، فهذه لو تعطلت لمات الجسد ، وما يعطّل إنما هو جهاز الإدراك فإنه يغيب عن النائم لذا قيل : النوم أخو الموت.
وما فصّلناه آنفا أخذناه من أنوار بيت العصمة عليهمالسلام حيث قال مولانا الباقرعليهالسلام : «ما من أحد ينام إلّا عرجت نفسه إلى السماء ، وبقيت روحه في بدنه وصار بينهما سبب كشعاع الشمس ، فإن أذن الله في قبض الأرواح أجابت الروح النفس ، وإن أذن الله في ردّ الروح أجابت النفس الروح فهو قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى ...) الآية (١).
النقطة الثانية : الأدلة على إثبات النفس :
قلنا فيما تقدم أن النفس والروح ليستا حقيقتين منفصلتين بل هما صفتان لحقيقة واحدة ، لكن قد يختلف مورد استعمالهما بين الحين والآخر ، فقد تطلق كلمة «نفس» على حديث مرتبط بين الروح والجسد ، والتأثير المتبادل لكل منهما على الآخر ، وقد تطلق كلمة «روح» على كل حديث يتعلق بالصفات الروحية دون الجسمية.
ولا ضير في هذا الاستعمال وإن كانت (النفس والروح) بمعنى واحد لغة وهي المخلوق المجرّد عن المادة المرئية ، لذا قيل : إن الروح مشتقة من «الريح» ، فالروح مجانس للريح ، فهي متحركة مثل الريح لأجل هذا سمّيت روح الإنسان بهذا الاسم لمشابهتها الريح من حيث الحركة ، وعدم رؤيتها كالريح لا نراها ولكننا نشعر بآثارها.
والروح كذلك فهي كائن مجرّد يعتبر من النوافذ المشرعة إلى عالم الغيب وخير طريق لإثبات وجود كائنات مجرّدة وغير مادية ، وبها يتميّز الإنسان عن
__________________
(١) مجمع البيان : سورة الزمر.