ذلك ، وإلّا فيبقى الإطلاق منعقدا في الظهور والشمول ، وعلم به أنه إمام من جميع الجهات والحيثيات.
أوفق هذه التعاريف للمعنى الاصطلاحي ما ذكره صاحب المنجد من أنّ «الإمام» خيط يمدّ على البناء الخ .. وذلك لأنّ الإمام بمثابة خيط روحانى يمدّ على قوابل النفوس فيقوّم الأعمال الباطنية ، لأنّ الإمامة بحسب مشرب الإمامية ليست مختصة ومقتصرة على ظواهر الأعمال ، وإنما همها البواطن والقلوب ، وما ورد في قوله تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) وغيرهما ، فالظاهر أنّه مستعمل في معناه اللغوي.
وأما الجهة الثانية :
اختلف الفريقان شيعة وسنّة في تعريف الإمامة بحسب المفهوم الاصطلاحي فالسنّة قد فسروها بما يوافق معتقداتهم بالخلافة ، حيث ينظرون إليها أنها إمارة أو خلافة ظاهرية ، تقتصر على إدارة البلاد والعباد ظاهرا ، من هنا ورد عنهم تعريفان مشهور ان كلاهما يصبّان في خانة واحدة ، ويسيران نحو هدف واحد :
التعريف الأول :
لصاحب كتاب المواقف ، حيث قال : إنّ الإمامة رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص من الأشخاص ، نيابة عن النبي ؛ ووافقهم عليه من علمائنا المتقدمين العلّامة السّيوري في شرح الباب ، وكذا المحقق اللاهيجي بعده مستدلّا عليه : بأنّ الرئاسة في أمور الدين لا تتحقق إلّا بمعرفة الأمور الدينية (١).
لكن يرد على هذا التعريف :
١ ـ إنّ هذا التعريف ليس جامعا لمقامات الإمامة العظمى ، لأنه ليس إلّا تعريفا لبعض الشئون التشريعية للإمام أعني الزعامة الدينية والاجتماعية ، ولا يشمل سائر المقامات المعنوية للإمام عليهالسلام التي منها ولايته التكوينية الثابتة له بضرورة العقل والنقل.
٢ ـ إنه غير مطّرد لانحصاره في الأمور الشرعية والاعتبارية المحضة ولأنّ معرفة هذه الأمور غير مختصة بالإمام عليهالسلام بل تشمل كلّ من تفقّه بالدين ونال
__________________
(١) كوهر مراد : ص ٣٢٩ وبداية المعارف : ج ٢ ص ١٣.