الكعبة وربّ البنيّة (أي بنّائي الكعبة كآدم وإبراهيم وإسماعيل) ثلاث مرّات لو كنت بين موسى والخضر عليهماالسلام لأخبرتهما أني أعلم منهما ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما لأنّ موسى والخضر عليهماالسلام أعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة»(١).
وغير ذلك من الأخبار المتواترة التي توجب اليقين والاطمئنان ؛ قال العلّامة الطباطبائي (قدسسره) :
«إنّ الإمام وقف على حقائق العالم كيف ما كان بإذنه تعالى سواء كانت محسوسة أم غير محسوسة كالموجودات السماوية والحوادث الماضية والوقائع الآتية وتدلّ على ذلك الروايات المتواترات المضبوطة في الكافي وبصائر الدرجات وبحار الأنوار وغيرها» (٢).
النقطة الثالثة :
ذكر المصنف أن الإمام عليهالسلام يعرف ما يستجد من الأشياء عليه بواسطة الإلهام المودع في نفسه القدسية ، ومعنى ذلك أن الإمام عليهالسلام قبل الإلهام كان جاهلا بالأشياء التي استجدّت عليه ثم عرفها بالإلهام ، وهذا منقوض بحكم الأدلة العقلية والنقلية لما في ذلك من نسبة الجهل إليه في حين أنه حجة الله وسفيره ، والحجة لا يكون عالما بشيء وجاهلا بشيء آخر كما مرّ في النصوص المتقدمة.
فالإلهام الرباني للإمام عليهالسلام ما هو إلّا إصدار الأوامر إليهم بإظهار ما كان مكتوما عن الناس ، فنزول جبرائيل عليهالسلام والملائكة المقرّبين على نبينا محمد وعترته الطاهرة ليس فيه أية إشارة إلى كونهم أعلم من النبي والعترة لأن أعلمية جبرائيل يستلزم تفضيل المفضول على الفاضل وهو قبيح ، ومناف لسجود الملائكة كلهم أجمعين لآدم وتعلّمهم الأسماء منه ، واعترافهم بأنه (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) ولنصوص كون الأئمة أول ما خلق الله ومن نورهم اشتقّ خلق السماوات والأرضين وأنهم معلّمو الملائكة التسبيح والتقديس ، وعليه فوساطة جبرائيل أو روح القدس في علمهم في هذه النشأة ليس من جهة الجهل بل إنما هو من باب دلالة كثرة الأعوان على عظمة السلطان لا على العجز والنقصان ، وذلك لأنّ غاية
__________________
(١) أصول الكافي : ج ١ ص ٢٦٠.
(٢) بداية المعارف : ج ٢ ص ٥٧ نقلا عن بحثي كوتاه در باره علم امام : ص ٣٤ فارسي.