فالوحي هنا بمعنى الإلهام الغريزي والإدراك الباطني عند النحلة وهل ينحصر الإلهام بالنحل دون غيرها من الحيوانات؟ لم يرد في النصوص القرآنية إيحاء إلى غير النحل من الحيوانات وإن كان لغيرها من الفهم ما يحيّر الألباب ، فاختصاص الوحي بالنحلة لميزة لا ندرك كنهها بالضبط ، نعم ، أثبتت الدراسات العلميّة الدقيقة التي قام بها علماء الحيوان بخصوص حياة النحل أنّ هذه الحشرة العجيبة لها من التمدّن والحياة الاجتماعية المدهشة ما يشبه لحدّ كبير الجانب التمدني عند الإنسان. فلعلّ الحكمة من اختصاصها بالوحي ربما لوجود هذه المميزة ولا يمكن قياس حياة كل الحشرات أو الانعام على حياة النحل وذلك لأنّ المنافع المادية الموجودة في عسل النحل قلّما يوجد في غيرها من المخلوقات الأخر.
وقد أكد القرآن ذلك بقوله : (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) كما أثبت ذلك الطب الحديث وانه علاج لكثير من الأمراض العصبية والعضوية ...
٣ ـ الإلهام التشريعي :
كما في قوله تعالى : (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الشورى / ٤).
٤ ـ الإلهام القلبي ـ أي الإلقاء في القلب :
كما في قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (القصص / ٨).
٥ ـ الإلقاء الشيطاني :
كما في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) (الأنعام / ١١٣) (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ) (الأنعام / ١٢٢) كل هذه الألفاظ المترادفة لكلمة «وحي» يجمعها معنى واحده والإعلام بخفاء كما نصّ على ذلك أعلام اللغة العربية ؛ ولو أطلقت كلمة «وحي» وجرّدت عن القرينة أريد منها الوحي النبوي التشريعي.
ومحلّ الإلهام القلب السليم الذي هو مهبط الملائكة الروحانيين يلهمونه الخير والسّداد لصفاء باطنه وحسن توجهه ، إذ لا تهبط الملائكة على بيوت فيها