كلاب وخنازير وسباع كما ورد أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ، فالقلب المشحون بكلاب الغضب والشهوة لا يمكن أن تدخله ملائكة الرحمة.
فقد ورد عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّ الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور وفتح مسامع قلبه ووكّل به ملكا يسدده ؛ وإذا أراد بعبد سواء أنكت في قلبه نكتة سوداء وسدّ مسامع قلبه ووكّل به شيطانا يضلّه ثمّ تلا هذه الآية : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) (١).
فالنكت في القلب عبارة عن تجلّي الإلهام في قلوب العارفين ، وهذا التجلّي إمّا بسماع صوت أو قذف في قلب أو رؤيا صالحة في المنام وهو ما يسمّى بالكشف ، وهنا يستحسن بيان الفرق بين الوحي والإلهام المعبّر عنه بالكشف.
فيقال : إنّ التعليم الربّاني لبعض عباده يتمّ عبر طريقين :
الأول : عبر إلقاء الوحي ؛ حيث إن النفس إذا كملت وزال عنها درن الطبيعة أقبلت بوجهها على باريها ، وتمسكت بجود مبدعها ، واعتمدت على إفادته وفيض نوره ، فيتوجه إليها باريها توجّها كليّا ، وينظر إليها نظرا رحمانيا ، واتّخذت من العقل الكلي [هو النبي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم] قلما ، ومن تلك النفس الكلية لوحا ، انتقشت فيها العلوم المختصة بها ، فصار العقل الكلّي كالمعلّم ، والنفس القدسي كالمتعلم ، وتحصل جميع العلوم لتلك النفس ، والنفس فيها جميع الصور من غير معلّم وتفكّر ، ومصداق هذا قوله تعالى : (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً).
الثاني : عبر القذف الإلهامي : وهو تنبّه النفس الكلّي للنفس الجزئيّ على قدر صفاته وقبوله واستعداده.
فالوحي أثر فيض الله ، والإلهام أثر الوحي ، والعلم الحاصل عن الوحي يسمّى علما نبويا ، والحاصل من الإلهام يسمّى لدنيّا كشفيّا.
والوحي قسمان ؛ خاصّ عامّ.
__________________
(١) لاحظ التوحيد للصدوق ص ٤١٥ ط. قم.