يا أبا محمد والله لو أنّ إبليس سجد لله تعالى بعد المعصية والتكبّر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ولا قبله الله تعالى ما لم يسجد لآدم عليهالسلام كما أمره الله تعالى أن يسجد له وكذلك هذه الأمة المفتونة بعد نبيّها صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعد تركهم الإمام الذي نصبه نبيّهم صلىاللهعليهوآلهوسلم فلن يقبل الله لهم عملا ولن يرفع لهم حسنة حتى يأتوا الله من حيث أمرهم ويتولّوا الإمام الذي أمروا بولايته ويدخلوا في الباب الذي فتحه الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم.
يا أبا محمد إنّ الله افترض على أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم خمس فرائض : الصلاة والزكاة والصيام والحجّ وولايتنا فرخّص لهم في أشياء من الفرائض الأربعة ولم يرخّص لأحد من المسلمين في ترك ولايتنا لا والله ما فيها رخصة (١).
الولاية التكوينية :
اتّفقت الإمامية برمتها على ثبوت الولاية التكوينية للنبي والأئمة ولباقي الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ، إلّا من شذّ منهم (٢) حيث نفى وجود مثل هذه الولاية لهؤلاء على الكون إلّا بمقدار ما تصل حاجة النبوة إلى ذلك أمام التحديات الموجهة إليهم ، وهو ما عبّر عنه في بعض المواضع ب «الولاية الطارئة».
وقبل بيان دليله ونقضه ، حري بنا أن نبحث في محورين :
الأول : في تحديد مفهوم الولاية.
الثاني : الأدلة على ثبوتها.
أما المحور الأول :
«الولاية» بكسر الواو وفتحها مصدر يلي ولي ، فهو معلول الطرفين ويقال له اللفيف المقرون ، حيث توسطت اللام بين حرفي العلة وهما : الواو والياء.
ولفظ الولاية التكوينية وإن لم يرد في نصّ شرعي خاص ، إلّا أنه مستفاد من عدّة آيات قرآنية تشير إلى المفهوم العام للولاية كقوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ
__________________
(١) روضة الكافي ص ٢٧٠ ح ٣٩٩.
(٢) وهو السيد محمد حسين فضل الله في مقالة له تحت عنوان : صورة النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في القرآن ، مجلة الثقافة الإسلامية «دمشق» عدد ٦٥ الصادر عام ١٤١٦ ه ١٩٩٦ م ص ٧١ وكذا ما أشار إليه في محاضرة مسجّلة بصوته.