المحور الثاني :
قد عرفت إجماع الطائفة على ثبوت الولاية التكوينية للنبي والعترة الطاهرة عليهمالسلام ، والولاية عبارة عن تسخير المكونات أو الكائنات الإمكانية تحت إرادة أولياء الله تعالى ومشيتهم بحيث تصير في طاعتهم واختيارهم وينفذ أمرهم فيها بحول الله وقوته كما ورد في زيارة الحجة أرواحنا له الفداء «أنه ما منا شيء إلّا وأنتم له السبب» وذلك لكونهم عليهمالسلام مظاهر أسمائه وصفاته تعالى فيكون فعلهم فعله ، وقولهم قوله ، وهذه المرتبة من الولاية مختصة بهم وكانت من مقتضيات ذواتهم النورية ونفوسهم القدسية التي لا يبلغ إلى دون مرتبتها مبلغ ولذلك ليست قابلة للإعطاء إلى غيرهم.
وهي من الواضحات عند الشيعة الإمامية بل عند بقية الفرق الإسلامية لا سيما وأنهم يرون الحديث المشهور «لولاك ـ أي لو لا محمّد ـ ما خلقت الأفلاك» لكن تشكيك السيد فضل الله فيها وفي الكثير من معتقدات الشيعة الإمامية المبتنية على الأصول والركائز الفكرية الصحيحة المستوحاة من الأدلة الثلاثة المعتبرة ـ الكتاب ـ السنة ـ العقل ، وفي مقابل هذا تبنّيه للكثير من الأفكار الأشعرية أو المبتنية على الذوق الاستحساني ، استدعانا الردّ على تشكيكاته حفظا لعقائد المؤمنين وإلّا أدّى التقاعس إلى إنكار مجمل المعتقدات الإيمانية وهذا مما لا تحمد عقباه دنيا وآخرة.
من هنا توجب علينا استنهاض الأدلة على ثبوت الولاية التكوينية وهي ثلاث :
١ ـ الدليل العقلي.
٢ ـ الدليل القرآني.
٣ ـ الدليل الروائي.
أما الدليل العقلي :
لا شك أنّ نظامنا الكوني مترابط الأجزاء بعضه مع بعض ، لا يمكنه ـ وهو المعلول بطبعه ـ أن ينفصل عن مصدر وجوده وهي العلة التي أوجدته من العدم لأنّ الذي أسبغ عليه نعمة الوجود ، لا بدّ أن يسبغ عليه نعمة البقاء والاستمرار وإلّا فهو أضعف من أن يستمر بنفسه من دون حاجة لمن أوجده أولا. فالمعلول