وكذا من كان عنده علم الكتاب كله وهو الإمام علي بن أبي طالب روحي فداه فإذا كان الذي عنده علم من الكتاب قادرا على جلب عرش بلقيس بأقلّ من طرفة عين ، فما بالك بمن عنده كل علم الكتاب فهو بطريق أولى قادر على التصرف التام في عالم العناصر والأجساد ، فيمكن ببعض الأسماء الإلهية أن تسيّر الجبال وتقطع الأرض ويكلّم به الموتى (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) (الرعد / ٣٤) (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر / ٢٢).
فأي استبعاد بعد من أن يكون للنبي والوصي ولاية تكوينية موهوبة من عند علّام الغيوب؟!
وأما داود عليهالسلام : فقد سخّر سبحانه له الطير والجبال يسبّحن معه والرياح وليّن له الحديد بدليل الآيات التالية :
(وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ) (الأنبياء / ٨٠).
(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) (ص / ١٩).
(فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) (ص / ٣٧).
(يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) (سبأ / ١١).
فالله سبحانه أعطى داود تلك الولاية التكوينية بحيث إذا أراد داود عليهالسلام في أي ساعة تسخير الرياح لجرت بأمره ، ولا يريد إلّا ما أراده الله سبحانه.
وتسخير الكائنات لداود عليهالسلام لم يكن حالة استثنائية تفرّد بها داود بل هي عامة تشمل الأنبياء والأولياء عليهمالسلام تتسع وتضيق بحسب القابليات والظروف المعيّنة ، فإظهارها بوضوح على يد داود لحكمة معيّنة.
وليس داود أفضل من النبي محمد وعترته الطاهرة حتى يسخّر له ما لم يسخّر للنبي وعترته عليهمالسلام ، فالثابت عند الفريقين أن النبي أفضل الأنبياء والمرسلين على الإطلاق وبلا منازع ، فإذا ثبت تسخير الكائنات إلى من دونه بالفضيلة ثبت بطريق أولى إلى نبينا وعترته الطاهرة ، وقد أعطي النبي وعترته أكثر