والقول بأنّ هذه الأفعال كانت بسبب دعائهم إنما هو قول لا يقوم على إثباته دليل ، بل إنّ ظاهر الآيات تدلّ على أنهم كانوا يتصرفون بعوالم التكوين ويقومون بتلك الأفعال وبمحض إرادتهم التي هي في طول إرادة المولى ، ولكي لا يتصور أحد أنّ الأنبياء مستقلون في العمل وأنهم يخلقون ، تكرر منهم قول «بإذن الله» لأنّ عملية الخلق استقلالا هي من مختصات الباري عزوجل والأنبياء والأولياء يقومون بعملية الخلق والإبداع تبعا وانقيادا لقدرته وإلّا فإنهم عاجزون عن هذا من دون أمره عزوجل (١).
أما الصنف الثاني :
والآيات المتعلقة بالولاية التكوينية المختصة بأهل الجنة حيث يمتلكون القدرات الخارقة بإذنه تعالى على إيجاد كل ما يبتغونه ويحبونه فهي عديدة منها قوله تعالى :
(لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) (يس / ٥٨).
أي أن كل ما يتمنّاه المرء في الجنة يجده حاضرا لديه ، فما كان ثابت لأهل الجنّة نتيجة طاعاتهم في الدنيا ، فهو ثابت للأئمة والأنبياء بلا فصل.
وعلى نسق هذه الآية قوله تعالى :
(عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) (الإنسان / ٧).
والمقصود من تفجيرهم لها أنهم يجزونها حيث شاءوا إجراء سهلا بمعنى أن يحمل تفجيرهم العين على إرادتهم جريانها لأن نعم الجنّة لا تحتاج في تحققها والتنعم بها إلى أزيد من مشية أهلها قال تعالى : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها).
فبدلالة (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ) فإنّ الله تعالى يخلق لأهل الجنّة كل ما يتصورونه ويريدونه وهذا بعينه نوع ولاية على إيجاد ما يتمنون فهو مسخّر لإرادتهم ، فإذا ثبت هذا لأهل الجنة فكيف لا يثبت لمن خلقت الجنّة لأجلهم أعني النبي محمّد وعترته الطاهرة عليهم سلام الله تعالى.
هذه نبذة من الآيات الدالّة على وجود ولاية تكوينية للأئمة والأنبياء عليهمالسلام
__________________
(١) تعليقاتنا على المراجعات : ص ١٣٤.