بعض أفراد النبيين كإبراهيم عليهالسلام ونبيّنا محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد تفترق حيث يكون شخص نبيا ولا يكون إماما ، كما أن أئمتنا عليهمالسلام كانوا نائلين مقام الإمامة ولكنهم لم يكونوا أنبياء بالمعنى الاصطلاحي أعني الوحي التشريعي ، إذ لا نبي بعد محمد ، والمعنى واضح للمتأمل.
قد يقال :
إنّ المراد من «إماما» في قوله تعالى (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) هو النبي أو الرسول أو الرئيس المطاع حسب ما ذكره المفسّرون الأشاعرة.
والجواب :
إنّ كلّ هذا غير صحيح لأنّ «النبيّ» من النبأ ، والنبأ لغة هو الخبر ، فالنبيّ هو الذي يخبره الله تعالى بالتشريعات في باطنه ، وهو يختلف في معناه عن «الإمام» ، كما أنّ «الرسول» هو المكلّف بوظيفة التبليغ ، ولا يستلزم ذلك أن يعتبره الناس قدوة فيتبعونه في الظاهر والباطن ، أو يسمعون كلامه فيعملون به ، ولذلك فإنّ معنى «الرسول» غير «الإمام». وأمّا «المطاع» فهو الإنسان الذي له من الاحترام والتقدير بحيث يطيعه الناس ، والإطاعة من لوازم النبوة والرسالة ومختلف عن معنى الإمامة.
وبهذا يتّضح : أنّ الإمام هو من له السلطنة والولاية بحيث تجب طاعته ومتابعته والنظر إليه ومشايعته في جميع آثاره من الحركة والسكون ، والنوم واليقظة ، والظاهر والباطن ، والقول والعمل ، والأخلاق والملكات. وهذا المعنى لكلمة «إمام» في الآية المباركة في غاية المناسبة أن يخاطب الله سبحانه إبراهيم عليهالسلام فيقول له : بعد أن جعلتك نبيا ورسولا تتلقّى الوحي السمائي وتبلغه إلى الناس ، فقد جعلتك الآن قدوة يجب أنّ يتبعوا شئونها في جميع الجهات. وهذا المعنى المستفاد من الآية المباركة يختلف تماما عن المعاني المتقدّمة ، إذ لو وضعنا أيّا من تلك المعاني السابقة في مكان الإمام لم يصح المعنى ، فليس صحيحا أن نقول : إني جاعلك ـ بعد املاك مقام النبوة والرسالة ـ نبيا أو رسولا أو رئيسا مطاعا. فالإمام هاد بأمر ملكوتيّ يصاحبه لقوله تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (الأنبياء / ٧٤) ، وقوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) (السجدة / ٢٥). فهناك صفة تلازم كلمة «الأئمة»