إشكال :
إنّ إعطاء الولاية التكوينية لعيسى عليهالسلام قد قيّدته الآية بإذن الله ، فلا دلالة حينئذ على الولاية المدّعاة والتي مفادها صلاحية تصرّف صاحبها بالكون باختياره من دون إذن الله تعالى.
والحل :
أولا : لم يدّع أحد من الإمامية أنّ صاحب الولاية التكوينية يمكن أن يفعل شيئا بغير إذنه تعالى بل ذلك ضرب من المستحيلات الذاتية.
ثانيا : إنّ تقييد عيسى عليهالسلام للإحياء وإبراء الأكمة والأبرص والإخبار بالمغيّبات بالمشيئة الإلهية ، ليصرف الذهن عن شبهة الغلوّ ، وأنه لا يصدر شيء منه بقدراته الذاتية وإنما باستعانة من القدير المطلق علّام الغيوب الذي لا يعزب عنه شيء في السماوات والأرض ، وله نظير في كتاب الله كما في قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (يونس / ١٠١) ، حيث دلّت الآية على أن الفعل ـ وهو الإيمان ـ مع كونه اختياريا ، فهو صادر عن العبد بإذن الله تعالى ، فكذلك الأفعال التي يقوم بها صاحب الولاية التكوينية ، فهي مع كونها صادرة عنه بكامل اختياره عليهالسلام ، كلّها حادثة بإذن الله ، لأنّ الأمر لله لو شاء أن يؤمن أهل الأرض جميعا لآمنوا ، لكنه لم يشأ فلا مطمع في إيمان الجميع ، لأن الإيمان بالله عن اختيار ، والاهتداء إليه أمر من الأمور يحتاج في تحققه إلى سبب يخصّه ، ولا يؤثر هذا السبب ولا يتصرف في الكون بإيجاد مسببه إلا عن إذن من الله في ذلك.
أما النقطة الثانية : الأدلة على عصمة الأئمة والرجوع إليهم :
إنّ الأئمة عليهمالسلام هم أولو الأمر الذين تكون إطاعتهم مطلقا مفروضة لأن وجوب الطاعة مطلقا يستلزم العصمة التي هي شرط الإمامة ولا معصوم غيرهم بالإجماع فتنحصر الإمامة بهم لا سيما مع وجوب طاعتهم على الأمة وذلك واضح بعد ما مرّ من كونهم قائمين مقام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في جميع شئونه ومنها الولاية والحكومة على المسلمين ويشهد له مضافا إلى الروايات المتواترة قوله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (النساء / ٦٠) ولا تشمل الآية المباركة غيرهم من الولاة والخلفاء لاختصاص الإطاعة المطلقة بالله تعالى والمعصومين من الرسول والأئمة المكرّمين ، وإلّا لزم الأمر بالطاعة