روى صاحب الكشّاف أنه لما نزلت هذه الآية قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ فقال : علي وفاطمة وابناهما. قال الفخر : فثبت أنّ هؤلاء الأربعة أقارب النبي وإذا ثبت هذا وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد التعظيم ويدلّ عليه وجوه:
الأول : قوله تعالى : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ووجه الاستدلال به ما سبق.
الثاني : لا شك أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يحب فاطمة عليهاالسلام قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فاطمة عليهاالسلام بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها» وثبت بالنقل المتواتر عن محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه كان يحب عليّا والحسن والحسين وإذا ثبت ذلك وجب على كل الأمة مثله لقوله : (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ولقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) ولقوله : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) ولقوله سبحانه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).
الثالث : إنّ الدعاء للآل منصب عظيم ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة وهو قوله : «اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد وارحم محمّدا وآل محمدا» وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل ، فكل ذلك يدلّ على أنّ حبّ آل محمّد واجب ، وقال الشافعي :
يا راكبا قف بالمحصب من منى |
|
واهتف بساكن خيفها والناهض |
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى |
|
فيضا كما نظم الفرات الفائض |
إن كان رفضا حب آل محمّد |
|
فليشهد الثقلان أني رافضي(١) |
النقطة الثانية : في معنى المودة في القربى :
وقع الاختلاف بين مفسري الشيعة وأكثر مفسري العامة في معنى المودّة في القربى على أقوال :
الأول :
ما يعتقده الشيعة الإمامية أنّ مودّة أهل البيت هي المودّة في الدين ، وهي
__________________
(١) تفسير الرازي : ج ٢٧ ص ١٦٦ وروى مثل هذا ابن كثير في تفسيره : ج ٤ ص ١٠١ ط.
دار القلم.
ومن أراد المزيد فليلاحظ إحقاق الحق : ج ٣ ص ٦ ـ ١٨.