المحبوب على ما سواه كما قال عليهالسلام : «ودليل المحبة إيثار المحبوب على ما سواه». فقد ورد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه سأل شخصا : تحبني أكثر من أبيك أو تحب أباك أكثر مني ، فقال : أحبك أكثر من أبي فقال له النبي : تحبني أكثر من الله؟ قال : إنما أحبك لله. فاستحسنه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
النقطة الرابعة : أقسام الحب :
إذا عرفت أنّ الحب هو ميل المحبّ إلى المحبوب وذلك لا يتحقق إلّا بالمجانسة أو المماثلة أو المشاكلة ، فاعلم أن الحب إذا على قسمين : حب عرضي ، وحب ذاتي.
فالحب العرضي فيما إذا كان المحبوب مشاكلا للحبيب في صفته العرضية يعني اتّصف المحبوب بصفة هي مشاكلة للحبيب أي لصفته الذاتية أو لصفته العرضية فيميل الحبيب إلى تلك الصفة بالذات أو بالعرض مثال ذلك : أن يكون من ذاتية زيد الكرم فيحصل في عمرو كرم بالعرض وهذا الكرم العرضي مشاكل لصفة زيد الذاتية ، فيميل زيد إليه بالذات ويحب عمرا بالعرض فما دام عمرو موصوفا به أحبه ، فإذا أزال عنه الكرم لم يحبه ، أو يكتسب زيد صفة عرضية ليست من سجيته كحسن الخلق مثلا ويجد عمرا ذا خلق حسن بالعرض فيحبه بالعرض ، فإذا زال حسن الخلق عنه أو عن محبوبه زال حبّه له ، فهذا هو الحبّ العرضيّ الذي لا يدوم وأما الحبّ الذاتي فهو ميل الحبيب بذاتيته إلى المحبوب المجانس بالذات ذاتا وصفة لاتحاد الحيّز والطبع فيحبّ ذات المحبوب وصفاته الذاتية بالطبع فهذا الحبّ يدوم بدوام الذاتين فإن اتّصف المحبوب بصفة مكروهة عرضيّة ببغض صفته ولا يبغضه إلّا بالعرض فهو محبوب الذات مبغوض الصفات. وعلى حذوه ما روي في آخر الأمالي للطوسي عن زيد النرسي قال : قلت لمولاي موسى بن جعفر عليهالسلام : يا ابن بنت رسول الله أنّ هاهنا رجالا من مواليكم يشربون الخمور ويرتكبون الموبق من الذنب فيسوغ لنا أن نقول أنّهم فسّاق فجّار، فقال : لا يا زيد والله ما الفاسق الفاجر إلّا الناصب لنا حربا ولكن قولوا : مؤمن النفس خبيث الفعل طيّب الروح والله لن يخرج وليّنا من الدنيا إلّا والله ورسوله ونحن عنه راضون وذلك أن الله يحشره على ما فيه من الذنوب مبيضّا وجهه مستورة عورته آمنة روعته ، وأدنى ما يصفّى به ولينا أن يريه الله رؤيا مهولة في منامه أو يلقاه ظلم من دولة الظالمين أو يشدّد عند الموت فيكون ذلك