والله ما أعلم شابّا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيّكم يؤازرني على أمري هذا ، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟
فأحجم القوم عنها غير علي عليهالسلام وكان أصغرهم إذ قام فقال : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ رسول الله برقبته وقال : إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا ، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع. اه.
ثم أشار إلى من أخرج هذا الحديث من حفظة الآثار كابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي نعيم والبيهقي في سننه وفي دلائله ، والثعلبي والطبري في تفسير سورة الشعراء من تفسيرهما الكبيرين ، وأخرجه الطبري أيضا في الجزء الثاني من كتابه تاريخ الأمم والملوك ، وأرسله ابن الأثير إرسال المسلّمات في الثاني من كامله عند ذكره أمر الله نبيه بإظهار دعوته ، وأبو الفداء في الجزء الأول من تاريخه عند ذكره أول من أسلم من الناس ، ونقله أبو جعفر الإسكافي المعتزلي في كتابه نقض العثمانية مصرحا بصحته وأورده الحلبي في باب استخفائه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه في دار الأرقم من سيرته المعروفة ، وأخرجه بهذا المعنى مع تقارب الألفاظ غير واحد من إثبات السنّة وجهابذة الحديث ، كالطحاوي والضياء المقدسي في المختارة ، وسعيد بن منصور في السنن ، كما أخرجه أحمد بن حنبل في الجزء الأول من مسنده (١) ، وصرّح في آخر كلامه بتواتره عند الشيعة فراجع (٢).
هذه جملة من النصوص الدالة على إمامة مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام وبقيتها تطلب من مظانها.
الأمر الثالث : في فقه حديث الغدير :
لا شكّ أنّ مدلول الحديث حجّة قاطعة على أنّ أمير المؤمنين إمام له ما للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الولاية على الأنفس ، فالحديث يثبت إمامته عليهالسلام بدليل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من كنت مولاه فعليّ مولاه ... وكلمة مولى لغة بمعنى «الأولى بالتصرّف»
__________________
(١) المراجعات : ص ٢١٣ ـ ٢١٤ ط. الأعلمي.
(٢) المراجعات : ص ٢٢٣ المراجعة ٢٤.