«ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم» سواء أقال ذلك بمكة أم في غدير خم ، وسواء أقاله عقيب شكايتهم من الإمام علي عليهالسلام أم لا ، فإنه دالّ على أنّ عليّا عليهالسلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، والإمامة والخلافة لا تزيد على ذلك.
أفبعد كل القرائن الدالة على الولاية الكبرى للإمام علي عليهالسلام وما اعترف به الخصم ـ ومنهم ابن كثير في تفسيره حيث قال : ثبت في الصحيح أن رسول الله قال في خطبته بغدير خم : «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» ـ من دلالة كثير من الأحاديث على فضل العترة الطاهرة ، وهل غير بيان الفضل والمنزلة يعتبر دليلا على الإمامة الكبرى والخلافة العظمى؟! فإذا ما كان الفضل وعظم المنزلة دليلا على ذلك فأي شيء يدلّ عليه ، وإذا ما كان التطهير والعصمة شاهدا ودليلا على قيادة الأمة نحو الكمال فأيّ شيء يا ترى يكون دالّا على ذلك ، فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون أم هل تستوي الظلمات والنور ، فما لكم كيف تحكمون!
شبهة وردّ :
تقرير الشبهة ؛ أن السيد محمد حسين فضل الله لم يعجبه سند حديث الغدير «الذي تصافقت الأمة على صحته سندا ودلالة وروي بطرق متعددة من الطرفين» مدعيا أن السند فيه نقاش تأكيدا لمناقشة الدلالة ، فقال : «إن مشكلتنا هي أن حديث الغدير هو من الأحاديث المروية بشكل مكثّف من السنة والشيعة ، ولذلك فإن الكثير من إخواننا المسلمين السنة يناقشون الدلالة ولا يناقشون السند ، في الوقت الذي لا بد أن تدرس القضية من خلال ذلك أيضا ...» (١).
وكأنه بكلامه هذا يتمنى على العامة أن يناقشوا السند لأنّ المتن ـ بنظره ـ غير كاف لتضعيف الحديث الذي طالما احتج به الشيعة الإمامية منذ الصدر الأول للإسلام بدءا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم بأمير المؤمنين عليهالسلام حينما احتج به على القوم مرارا ، وكذا مولاتنا الزهراء والأئمة الاطهار من أبنائها الميامين عليهمالسلام.
يرد عليه :
(١) كيف يشكّك السيد المذكور بخبر الغدير المتواتر في حين أنه يأخذ
__________________
(١) الندوة : ج ١ / ٤٢٢.