بالخبر الضعيف إذا لم يكن هناك أي داع للكذب فيه (١) ، فأي داع للكذب في حديث الغدير؟! وإذا لم يكن حديث الغدير مكذوبا على النبي ـ طبقا لمسلكه في الأخذ بالخبر الضعيف ـ فلم التشكيك بسند الحديث ، من هنا فهو يعمل بروايات العامة (٢) في حال عدم وجود داع للكذب. وهو لا يرى مشكلة في الأخذ بروايات العامة لكونه داعية إلى منهجهم ، ولكنه في نفس الوقت يعتبر أن أحاديث الأئمة مشكلة معقدة لوجود الركام الهائل من الكذب في حديثهم عليهمالسلام. ويرى أن كثرة الكذب على أهل البيت عليهمالسلام تجعلنا نواجه مشكلة السّند (٣).
إن السيد عند ما شكّك بالحديث المزبور أراد النيل من خلافة الإمام علي عليهالسلام ، وهذه الخلافة ـ على ما يبدو له ـ تشكّل حاجزا عظيما في تحقيق ما يصبو إليه من الوحدة الثقافية المتعلقة بتفاصيل العقائد ، فها هو يتنازل عن كثير من التفاصيل بغية تأسيس القاعدة الصلبة التي يلتقي عليها الجميع كما أشار إلى ذلك في إحدى مقالاته (٤).
وإذا لم يكف الخبر المتواتر السيد فضل الله فما ذا يكفيه يا ترى؟! وعلى أي شيء يعتمد في منهجه الاستدلالي ، أعلى المراسيل والمجاهيل أم على الأقيسة والاستحسانات الشخصية؟!! ولعلّ الأقيسة هي التي تروي غليله ، فيكون بذلك رادّا على عترة نبيه صلى الله عليهم أجمعين ، والرادّ عليهم خارج من ولايتهم لما روي «في موثّقة أبي عبيدة الحذّاء قال: سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : والله إنّ أحب أصحابي إليّ أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا وإنّ أسوأهم عندي حالا وأمقتهم للّذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنّا فلم يقبله اشمأز منه وجحده وكفّر من دان به وهو لا يدري لعلّ الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند ، فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا» (٥).
(٢) إذا كان الحديث مرويا بشكل مكثف ـ أعني كونه متواترا ـ فلا حاجة حينئذ للدعوة إلى دراسة السند لأنّ الأخبار المتضافرة أو المتواترة يغني تواترها
__________________
(١) كتاب النكاح ج ١ / ٥٨.
(٢) نفس المصدر.
(٣) مجلة المنطلق عدد ١٣ / ٢٤ والندوة ج ١ / ٥٠٣.
(٤) مجلة المنطلق عدد ١١٣ / ١٨.
(٥) أصول الكافي ج ٢ / ٢٢٣.