بلا أي تقييد بجانب معين من الجوانب ، ولذا فيلتزم بهذا الإطلاق إلّا ما خرج بالدليل القطعي وهو الاستقلال بالولاية التكوينية والتشريعية ـ مع أنه قد مرّ سابقا أن ولايتهم مترشحة من ولاية الله ـ فولايتهم على أي حال تبعية متفرعة على ولاية الله تعالى الأصيلة المستقلة.
ويؤكد كون الآية من آيات الولاية والإمامة ما ورد في الأخبار الكثيرة ما يدلّ على ذلك فلاحظ المجامع التفسيرية.
وأما مفاد نصّ الدار فهو واضح الدلالة على وصاية وإمامة أمير المؤمنين عليهالسلام مذ كان عمره عشرا أو أكثر بقليل ، مما يعني أنّ عليا عليهالسلام ليس إنسانا عاديا ؛ بل إنّ حديث الدار يدلّ على أنّ الإمامة مقرونة مع دعوى الرسالة المحمدية لذا لا عجب أن يقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا وعلي أبوا هذه الأمة» (١).
الأمر الخامس : في دفع بعض الإيرادات الواهية على الآية :
الإيراد الأول :
إنّ الواو في قوله : (وَهُمْ راكِعُونَ) للحال ، والركوع بمعنى الخشوع والخضوع أي : يعملون ذلك في حال الخشوع والإخبات والتواضع لله تعالى إذا صلّوا وإذا زكّوا (٢).
فعلى هذا يكون معنى الآية : أنه ليس أولياؤكم اليهود والنصارى والمنافقين بل أولياؤكم الله ورسوله والمؤمنون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم في جميع هذه الأحوال خاضعون لساحة الربوبية بالسمع والطاعة ، وإنهم يؤتون الزكاة وهم فقراء معسرون.
والجواب :
١ ـ إنّ الركوع وإن كان في اللغة بمعنى مطلق الخشوع والخضوع لكنّه صار في الشرع اسما لركوع الصلاة ، كما أنّ الصلاة كان معناها في اللغة مطلق الدعاء ولكنها صارت في عرف المتشرعة والشرع حقيقة لذات الأركان ، فقوله تعالى : (وَهُمْ راكِعُونَ) لا يصح أن يراد به : وهم خاضعون ، لأنّ الحقيقة الشرعية والعرفية
__________________
(١) كمال الدين : ج ١ باب ٢٤ ص ٢٦ رقم ٧.
(٢) تفسير الكشّاف : ج ١ ص ٦٣٥. وتفسير الفخر الرازي : ج ١٢ ص ٢٥.