الحادثة التي نزلت بشأنها ، وبما أنّ آية الولاية بدلالة سبب نزولها جاءت في شأن تصدّق الإمام علي عليهالسلام أثناء الركوع ، أما الآيات السابقة واللاحقة لها قد نزلت في أحداث أخرى ، لذلك لا يمكن الاعتماد على مسألة ترابط المفاهيم في الآيات ، ولكن هناك نوع من التناسب بين الآية ـ موضوع البحث ـ والآيات السابقة واللاحقة لها ، لأنّ الآيات الأخرى تضمنت الحديث عن الولاية بمعنى النصرة والإعانة ، بينما الآية المذكورة تحدثت عن الولاية بمعنى الزعامة والإشراف والتصرف ، وبديهي أنّ الولي والزعيم والمشرف والمتصرف في أمور جماعة معينة ، يكون في نفس الوقت حاميا وناصرا وصديقا ومحبا لجماعته ، أي أن مسألة النصرة والحماية تعتبر من مستلزمات وشئون الولاية المطلقة.
فظهر بما تقدم «أنّ آية الولاية والآية التي بعدها مباشرة لا تشاركان السياق السابق عليهما لو فرض أنّه متعرّض لحال ولاية النصرة ، ولا يغرّنك قوله تعالى في آخر الآية الثانية (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) فإنّ الغلبة كما تناسب الولاية بمعنى النصرة ، كذلك تناسب ولاية التصرف وكذا ولاية المحبة والمودة ، والغلبة الدينية التي هي آخر بغية أهل الدين تتحصل باتصال المؤمنين بالله ورسوله بأي وسيلة تمّت وحصلت» (١).
الإيراد الثاني :
إن المراد من (وَالَّذِينَ آمَنُوا) في الآية عامة المؤمنين ، وذلك لأنّ عبادة بن الصامت لمّا تبرأ من اليهود وقال : أنا بريء إلى الله من حلف قريظة والنضير ، وأتولّى الله ورسوله ، نزلت هذه الآية على وفق قوله ، وروي أيضا أن عبد الله بن سلام قال يا رسول الله إنّ قومنا قد هجرونا ، وأقسموا أن لا يجالسونا ، ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل ، فنزلت هذه الآية ، فقال : رضينا بالله ورسوله وبالمؤمنين أولياء فعلى هذه الآية عامة في حق كل المؤمنين فكل من كان مؤمنا فهو ولي كل المؤمنين (٢).
والجواب :
١ ـ لقد دلّت النصوص من الفريقين أنّ الآية نزلت في حق أمير المؤمنين
__________________
(١) تفسير الميزان : ج ٦ ص ٨.
(٢) تفسير الرازي : ج ١٢ ص ٣٥ وتفسير ابن كثير : ج ٢ ص ٦٤.