وأنصاره في مكة المكرمة عند الإعلان عن بدء حركته وثورته المباركة.
المورد الثالث : الاختلاف في غيبته :
ذهب أكثر علماء أهل السنّة أنّ القول بغيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يعدّ ضربا من الوهم والجنون مستدلّين على ذلك باستبعاد إمكانية بقائه حيّا خلال هذه القرون الطويلة منذ سنة ٢٦٠ للهجرة إلى ما شاء الله تعالى.
قد يقال : لما ذا يصرّ الشيعة الإمامية على إثبات وجود إمام ما دام الأنبياء والمرسلون قد شرّعوا ما يحتاجه الشرع؟!
يجاب عليه :
إنّ البرهان الذي قام على إثبات النبوّة العامة بحيث يستلزم صدور الأحكام من الله تعالى يقتضي بنفسه وجود الإمام الحافظ للأحكام ، وخلاصة البرهان : إنّ الإنسان مدنيّ بالطبع فهو بهذا ينزع إلى الحياة الاجتماعية ، ممّا يستدعي التزاحم على المنافع وحصول الاختلافات التي هي نتائج التفاوت في القابليات والعقول ولأنّ كل فرد من أفراد المجتمع يريد تحصيل ما يمكنه من تأمين منافعه الماديّة المحدودة وأن يزيل العقبات التي تعترض طريقه ، في حين أنّ الآخرين أيضا يحاولون الوصول إلى نفس هذا الهدف ولهذا يحصل التنافس على المنافع والاعتداء على حقوق الآخرين ، لذا الحاجة إلى قانون من أجل ضبط العلائق الاجتماعية وحصرها ضمن طوق العدل ليرتفع الاختلاف والفوضى ، وهذا أمر فطريّ سعى إليه البشر قديما وحديثا ضمن ضوابط قانونية كلّ بحسب تفكيره وقدراته ، إضافة إلى أنّ تركيبة البشر من العقل والشهوة والتنازع بينهما وغلبة الشهوات والميول النفسية غالبا ما تكون عائقا عن تشخيص الحقيقة ممّا يؤدي إلى أن يسير نحو الشقاء والانحراف فاستدعى ذلك مجيء رسل وحجج ليسوقوا البشر نحو السعادة بتنظيمهم للعلاقات الاجتماعية والنوازع النفسية والشهوانية.
فوجود الأئمة عليهمالسلام مكمل لوجود الأنبياء ، فحيث إن وجود الأنبياء لطف ، كذا وجود الأئمة لطف مثله ، بل إنّ مهمة الأئمة عليهمالسلام أعظم من مهمة الأنبياء ، لأنّ مهمّة الأوائل تستدعي القيام بالمهمة التشريعية ، أمّا الأئمة والأوصياء فملقى على عاتقهم المهامّ التنفيذية ، ولا ينفع تشريع دون تنفيذ ، بل الأوّل متوقف على الثاني والثاني باعث لحياة الأول.