والجواب :
إنّ خروجه مما تقتضيه الأدلة الثلاثة :
١ ـ الفطرة.
٢ ـ العقل.
٣ ـ النقل.
أما الفطرة :
ونعني بها ما فطر عليه الناس ، وركز فيهم من حب العدل والمساواة ، وبغض الظلم والجور والطغيان ؛ فطبيعة الإنسان تميل إلى الخير والعدالة وتبحث عن ذلك ، وهذا الأمر الفطري تطلبه البشرية كافة [اللهم إلّا من لوّث فطرته فخرج عن رسم الإنسانية ودخل في حدود الجمادية] وتصبو إليه ، ولا يعقل في حكمة العقل أن يخلق سبحانه هذا الشعور الفطري نحو العدالة ، ولا يخلق في خارجه الينبوع الذي ترتوي منه تلك النفوس المتشوقة إليه.
لذا نقول : إنّ فطرة الإنسان أنّى كان وطبيعته التي تبحث عن العدالة ، تصرخ مستغيثة بمن يمدّ لها يد الخلاص من براثن الظلم والطغيان على يد منقذها وهو الإنسان الكامل المسدّد من قبل السماء يزيل مظاهر الظلم والجور ويعمّ العدل والوئام.
وأمّا العقل :
وطبقا لقاعدة اللطف القائلة أنه سبحانه فاعل كل ما يقرّب العبد إلى الطاعة وما يبعّده عن المعصية بحيث لا يترك عباده بلا مرشد يدلّهم إلى الخير والطاعة ويبعّدهم عن الشرّ والمعصية ، وحيث إن الله تعالى ختم بالنبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم النبوّة وشريعته خاتمة الشرائع والأديان وناسخة لما تقدم عليها ، فهي أتمّ الشرائع فلا بدّ أن تكون شريعته شاملة تعطي لكل حادثة متجددة حلّا لها ، وهذا لا يمكن حصره في فترة زمنيّة قصيرة ، فيتعيّن ومن باب اللطف إيجاد أشخاص وأفراد كاملين بمنزلة النبي يبيّنون ما خفي على الناس من معرفة دينهم ويشرحون لهم ما عجزوا عن حلّه ، لا سيما في عصر يكون التقدّم العلمي في أعلى ذروته فمجيء شخص ليس عنده العلم الإحاطي قبيح عقلا لذا يتعيّن بحكمة العقل ومن باب اللطف أن يوجد الله سبحانه فردا بعد النبي وفي كلّ عصر يبيّن للناس أحكام دينهم ويدفع