ألم يكن أمير المؤمنين ومن أشرنا إليهم من أهل الإجماع أو الحل والعقد؟! فما معنى هذه الغميضة في حقهم وعدم الالتفات إليهم؟ وهل هذا إلّا الجفاء والشقاء بالنسبة إلى هؤلاء النبلاء؟ هذا مضافا إلى أن الإجماع بذاته لا يعدّ حجّة ما لم يشتمل على معصوم ، فإن اشتمل عليه كان حجة لدخول المعصوم فيه ، وإن لم يشتمل على معصوم لم يكن حينئذ حافظا للشرع ومانعا عن الاختلاف لجواز الخطأ على كل واحد ، فيجوز صدور الخطأ على المجمعين. هذا بالغض عن أنه لو كان حجة للزم منه حجية كل إجماع ، حتى إجماع اليهود والنصارى وهو باطل ، فلا يصلح ـ أي الاجماع ـ أن يكون دليلا على صحة خلافة أبي بكر.
٢ ـ انه لا دلالة فيه على نفي الأدلة العقلية على وجوب نصب الإمام عليهالسلام.
٣ ـ إنه إن كان ملاحظة المصلحة والمفسدة بالنظر إلى كل واحد أو بالنظر إلى الكل ، فإن كان الأول فغير مسلّم ، وإن كان الثاني فكذلك ، لأنّ التكليف مخصوص بمن عليه الضرر وله المصلحة ، ولو سلّمنا ذلك كله وأنه واجب سمعا بهذين الدليلين ، فليس هذا مما يدل على فرعية المسألة ، إذ ليس كل ما دليله الإجماع يكون من الفروع ، كالإجماع على حاجة الناس إلى الرسول ونحو ذلك من المسائل (١).
تلخّص بما قدّمنا فساد ما استدلّ به الأشاعرة على كون الإمامة فرعا. وبالجملة : فلو كانت هذه المسألة من الفروع لكفى فيها ظن المجتهد ، أو تقليد الغير ولما استدعى ذلك إلى تخطئة من قال بأصوليتها فضلا عن قتله كما حصل لكثيرين استشهدوا لأنهم قالوا بإمامة علي بن أبي طالب دون غيره.
وأما الجهة الثانية :
ذهب بعض متأخرينا إلى أنّ الإمامة من أصول المذهب ، والوجه في تسميتها بأصول المذهب هي أنها تثبت عند أهل المذهب المعتقد بها دون غيره من بقية الفرق والمذاهب.
__________________
(١) الإمامة للعلامة الجيلاني : ص ٧٤ بتصرّف.