فللإمام عدة مقابلات مع ممحصين من أهل الولاية تشرفوا بلقائه واقتبسوا من نور هديه (عج) الشريف وهي كثيرة أورد بعضها علماؤنا المتقدمون والمتأخرون وأكثرها بقي مكتوما في الصدور ، وما يهمّنا هنا بيان فلسفة الأهداف المتوخاة من مقابلته عليهالسلام لهؤلاء المؤمنين ، وهي قد تختصر بما يلي :
أولا : إثبات وجوده المقدس بنحو حسّي مباشر لتدعيم وجوده بالحسّ لغلبته على أكثر الناس الخائضين في الشبهات التي كانت ولا زالت تثار من قبل الآخرين على وجوده عليه سلام الله ، ومصدر التشكيك عادة إنما هو من أعدائه الذين لا يؤمنون به كمخلّص للبشرية سواء كانوا من المسلمين أمّ غيرهم فكان الواجب في حكمته عليهالسلام الظهور على بعض الأفراد الممحصين لكي لا يسري التشكيك إلى قلوب المؤمنين والموالين له وهذا ما أكّده لنا خبر عيسى بن مهدي الجوهري مع الإمام عليهالسلام وعجل الله فرجه الشريف ، قال عليهالسلام له : «يا عيسى ما كان لك أن تراني لو لا المكذّبون القائلون أين هو ، ومتى كن ، وأين ولد ومن رآه ، وما الذي خرج إليكم منه ، وبأي شيء نبأكم ... يا عيسى فخبّر أولياءنا ما رأيت ، وإيّاك أن تخبر عدوّنا فتسلبه ، قال : فقلت : يا مولاي ادع لي بالثبات ، فقال (عج) الشريف : لو لم يثبتك الله ما رأيتني».
فيستفاد من النصّ أنّ الثبات في الدّين ومعرفة إمام زمانه سوف يؤهّله للفوز باللقاء الميمون إذ لا بخل في ساحته على من ألقى السمع وهو شهيد.
ثانيا : المراد من المقابلة تثقيف الآخرين ممّن لم يلتق به عليهالسلام بما سمعه الرائي له عليهالسلام وبيانه الأهداف لمستقبله لكي يحملها الفرد إلى أبناء عقيدته ويحدّثهم بما رأى وسمع من صاحب الزمان فتتمّ الحجّة ولا يبقى الناس في فترة ، وهذا عين ما أكّده خبر الآودي فلاحظ غيبة الطوسي ص ١٥٢.
ثالثا : إقامة الحجّة على وجوده وأنه إمام الزمان وللتدليل على ذلك كان عليهالسلام يقيم المعجزة أمام الفرد الذي التقى به ليثبت مدّعاه حتى ينقل هذا الفرد ما رآه منه إلى الآخرين بحيث لا يكون ما رآه قابلا للإنكار ، فإقامة الحجّة بالمعجزة لإثبات وجوده المقدّس على مرّ العصور حتى ظهوره (عج) الشريف.
الميزة الثالثة : مهامّ السفراء :
وقد تميّزت هذه الفترة أيضا بوجود سفراء أربعة معيّنين كانوا حلقة وصل بين الإمامعليهالسلام وبين الموالين حيث كانت مهمتهم حمل المسائل الشرعيّة من