يقيم شاهدا واضحا يدلّ على صدقه في الدعوى وأمانته في التبليغ.
قد تقول :
إنك قلت أنّ الاعتقاد بهم ضرورة عند الإمامية فكيف تقيم الدليل على سفارتهم ما داموا بحكم الضرورة سفراء معترفا بهم؟
والجواب :
إنّ الضروري لا يستدلّ عليه وإنّما ينبّه على وجوده وتحقّقه ، فما ظاهره استدلال إنّما هو في الواقع تنبيه ، إذ بمجرّد التنبيه يحصل الالتفات إلى ضرورته ، وهكذا ما نحن فيه ، وهنا يمكن الاستدلال على سفارتهم بوجوه :
الأول : تنصيص الإمامين الهادي والعسكري عليهماالسلام على بعضهم كعثمان بن سعيد العمري وابنه حيث كانا وكيلين لهما عليهماالسلام وموثقين عندهما ، ومعنى الثقة أي أنّه لا يكذب ويدّعي منصبا ليس له ، قال الإمام العسكري عليهالسلام لأحمد بن إسحاق عند ما سأل الإمام من أعامل؟ وعمّن آخذ وقول من أقبل؟
فقال له عليهالسلام : «العمري وابنه ثقتان فما أدّيا فعنّي يؤدّيان ، وما قالا لك فعنّي يقولان فاسمع لهما وأطعهما فإنهما الثقتان المأمونان» (١).
وفي حديث للإمام العسكري عليهالسلام أمام وفد اليمنيين قال عليهالسلام لخادمه بدر : فامض فأتنا بعثمان بن سعيد العمري ، فما لبثنا إلّا يسيرا ، حتى دخل عليه عثمان ، فقال له سيّدنا أبو محمد : «امض يا عثمان فإنك الوكيل والثقة والمأمون على مال الله ...» ثم قال الوفد للإمام عليهالسلام : يا سيّدنا والله إنّ عثمان لمن خيار شيعتك ، وقد زدتنا علما بموضعه من خدمتك وأنّه وكيلك وثقتك على مال الله تعالى ، قال عليهالسلام : «نعم واشهدوا على أنّ عثمان بن سعيد العمري وكيلي وأنّ ابنه محمّدا وكيل ابني مهديكم».
وقال عليهالسلام : «هذا أبو عمرو الثقة الأمين ، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات ، فما قاله لكم فعني يقوله ، وما أدّى إليكم فعنّي يؤدي».
فبعد أن ثبتت وثاقته في الحياة وبعد الممات ثبت أيضا عدم كذبه مطلقا طوال حياته ، فإذا نصّ على السفير الثالث بأمر من الإمام الحجّة (عج) الشريف ،
__________________
(١) الغيبة للطوسي : ص ٢١٩.