الحقيقة المطلقة ، وكل عنصر منهما مكمل للآخر إذ لا إخلاص من دون علم ، ولا علم مقبول عنده تعالى من دون إخلاص «العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلّا ارتحل» ولا يشترط في تحقق العنصر الثاني كمال الأول ، إذ يكفي لأن يكون الفرد مخلصا دينه أن يكون بمستوى قليل من الثقافة الدينية ، ولا يشترط التعمّق التفصيلي «من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم» ، فالإخلاص بالقليل يولّد العلم الكثير بإذن الله تعالى.
ويكفينا للتدليل على ذلك بما ورد في انتخاب السفير الثالث مع وجود من هو أعلم منه وهو أبو سهل النوبختي حيث ظنّ المؤمنون أنه السفير الثالث ، لذا لمّا سئل كيف صار هذا الأمر إلى الشيخ أبي القاسم حسين بن روح دونك؟
أجاب : هم أعلم وما اختاروه ، ولكن أنا رجل ألقى الخصوم وأناظرهم ولو علمت بمكانه عليهالسلام كما علم أبو القاسم وضغطتني الحاجة على مكانه لعلّي كنت أدلّ على مكانه ، وأبو القاسم لو كان الحجّة عليهالسلام تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه.
ولا يعني هذا أنّ العلم لا يولّد الإخلاص ، بل إنّ القليل منه بإخلاص يولّد الكثير بدرجة واحدة.
وبالسفير الرابع تنتهي مدة الغيبة الصغرى بعد أن أوصاه الإمام عليهالسلام بالتوقيع المعروف الصادر عام ٣٢٩ هجري هذا نصه :
«بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمّد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنك ميّت ما بينك وبين ستة أيام فأجمع أمرك ، ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة ، فلا ظهور إلّا بإذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد ، وقسوة القلوب ، وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي على شيعتي من يدّعي المشاهدة ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم».
وبهذا التوقيع انقطع عهد الغيبة الصغرى ، فكان بداية للغيبة الكبرى إلى حين ظهوره (عج) الشريف.
وقد ورد فيها نقاط مهمّة أهمها نقطتان :
الأولى : إغماض ظهوره (عج) حيث لم يحدّد السنة التي سيخرج فيها.