بات ليلة لا يعرف فيها إمام زمانه مات ميتة جاهليّة» (١).
أما النقطة الثانية :
ورد في التوقيع تكذيب كل من ادّعى المشاهدة في الغيبة الكبرى قبل صيحة جبرائيل في الثالث والعشرين من شهر رمضان في سنة الظهور وخروج السفياني عثمان بن عنبسة ، حيث إن الاحتجاب تامّ قبل تحقّق هاتين الإمارتين فلا يصدر من الإمام عليهالسلام أيّ لقاء أو توقيع وكلّ من ادّعى استلام تعليمات كالتي كانت تصدر من السفراء الأربعة فإنّ من الواجب تكذيبه ، بمعنى أنّه يحرّم ادّعاء البابيّة أي أن يجعل إنسان ما نفسه وسيطا بين الإمام والشيعة بحيث يستلم منهم رسائل أو أسئلة ليوصلها إلى الإمام ثمّ يخرج منه جواب أو توقيع ؛ نعم لو صدر شيء ما ابتداء من الإمام كتوجيه نداء أو رسالة عبر بعض الرائين فلا يكون مشمولا للّعن ولا التكذيب ، وذلك لأن ناقل النداء أو الرسالة لا يدّعي لنفسه البابية أو السفارة كما كانت وظيفة السفراء الأربعة ، ومن هذا القبيل ما ورد من أن الشيخ المفيد قد تلقّى كتابا من الحجة المهدي عجل الله فرجه الشريف ، فلو صحت النسبة إليه فإن التكذيب منصرف عنه ، إذ كيف يتوهم أحد أن المفيد عليه الرحمة يدّعي السفارة مع أنه نفسه ذكر في كتابه «الرسائل الخمسة في الغيبة» انقطاع السفارة والنيابة بموت النائب الرابع في الغيبة الصغرى ، كما ذكر ذلك في بقية كتبه كالإرشاد وغيره ، هذا مضافا إلى أن الشيخ المفيد نفسه ذكر عن شيخه أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه أنه قال : «إن عندنا أن كل من ادعى الأمر بعد السمري فهو كافر منمس ـ أي ملبّس ـ ضال مضل» ، وأول من ادعى وجود كتاب من الحجة المنتظر عليهالسلام للشيخ المفيد هو الشيخ الطبرسي في كتابه الاحتجاج ولم يذكر طريقه وسنده إلى الشيخ المفيد ، فالطبرسي متفرد بذكر الرسالة مع أن الشيخ الطوسي وهو تلميذ المفيد ومن خواصه المقربين إليه لم يذكر ذلك في كتابه : «الفهرست والرجال» عند ترجمة شيخه المفيد ، مع أنه أثنى عليه بأبلغ الثناء والمدح ، ولو كان هذا الكتاب صادرا من الناحية المقدّسة لناسب ذكره في الترجمة لأنه أبلغ شيء في التعريف بمكانة شيخه ، وكذلك الشيخ أبو العباس أحمد بن علي النجاشي والسيد الرضي والمرتضى ، كل هؤلاء لم يذكروا تلك الرسالة المنسوبة
__________________
(١) غيبة النعماني وشرح التفتازانى : ج ٢ ص ٢٧٥ ومجمع الزوائد : ج ٥ ص ٢١٨.