وأمّا النقطة الثانية : المتعلقة بالغيبة الكبرى ففيها أمور :
الثاني : ملاقاة عدّة من الممحصين للإمام عليهالسلام.
الثالث : ما هي تكاليفنا خلال الغيبة الكبرى.
أما الأمر الأول : الفرق بين الغيبتين :
لقد اكتسبت الغيبة أهميّة كبرى في الأخبار بما لها من دلالات وامتحانات عظيمة يمتحن بها الفرد المؤمن الذي يعتبر خلالها كشاة مسبيّة باحثة عن راعيها فلا تجده فتستغيث إلى بارئها مخلصة في توجهها فيدركها وابل الرحمة. وهذه الأهمية بما لها من مميزات تختلف في جوهرها عن الغيبة الصغرى بوجوه :
الوجه الأول : عدم وجود ارتباط مباشر عبر السفراء في الغيبة الكبرى بخلاف وجودهم في الغيبة الصغرى ممّا يشير إلى قوّة العمق الفكريّ لدى الأفراد الممحصين في الغيبة الكبرى ، وهذا ما أشار إليه الإمام زين العابدين عليهالسلام حيث قال : «تمتدّ الغيبة بوليّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله والأئمة بعده ، يا أبا خالد : إنّ أهل زمان غيبته القائلون بإمامته المنتظرون لظهوره أفضل أهل كل زمان ، لأنّ الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة ، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله بالسيف ، أولئك المخلصون حقّا وشيعتنا صدقا والدعاة إلى دين الله سرّا وجهرا» (١).
الوجه الثاني : إنّ فترة الغيبة الكبرى والمتحيص الذي يلحق أفرادها أكثر من أيّ فترة مرّت بها البشرية منذ تاريخ أبينا آدم عليهالسلام إلى ظهوره المبارك وذلك لأنّ الأفراد المتقدمين على عصر الغيبة الكبرى سواء ما قبل الشريعة الإسلامية أم بعدها ، لم يمتحنوا أو يختبروا بشيء صعب إلّا وكان بينهم نبيّ أو وصيّ ، وهذا بعكس فترتنا هذه فإنّ وليّ الله الأعظم روحي فداه غائب عنّا ، فالتكليف أشدّ والاختبار أصعب وأعظم.
الوجه الثالث : تقلّص بل انحسار الإسلام بنظامه الكامل والعادل ، عن
__________________
(١) البحار : ج ٥٢ ص ١٢٢ ، وإكمال الدين ص ٣٢٠.