ويظهر من تتبع النصوص المتواترة بأنّ المراد من الانتظار هو انتظار شخص الإمام المهدي (عج) الشريف لا انتظار نهجه فحسب (كما تصوره البعض) (١) لأن النهج فرع وجود الذات المطهّرة ، ولو لا هذه الذات لما عرفنا النهج الرسالة الذي يجب أن يسير على خطاه المرء المسلم. كما أن انتظار المؤمن لرسالة الإمام المهدي عليهالسلام لا يلغي دور الإمامعليهالسلام الّذي تترشح الرسالة من ذاته المطهرة بمحكم الكتاب الكريم (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فكل ما يترشح من هذه الذات محكوم بالعصمة والطهارة ، فالرسالة أثر من المؤثر ، والمؤثر هو الذات المقدسة للمهدي المنتظرعليهالسلام التي قامت الآيات والروايات على انتظارها والدفاع عنها ، لذا أمر أئمة آل البيت عليهمالسلام بالوقوف حال سماع اسم القائم المهدي عليهالسلام ووضع الأيدي على الرءوس إجلالا وتعظيما لا سمه وذاته المطهرة التي لم ولن يدنسها رجس على الإطلاق ، فالاستغراق في ذات الإمام عجل الله فرجه الشريف لا يعني عبادتها أو ترك العمل ، بل هو حركة جهادية للوصول إليه روحا وجسدا ، وأي إشكال أو نقيصة لو زاد المرء من محبته لإمام زمانه؟ وهل في محبة الإمام عليهالسلام ما يوجب اشكالا شرعيا يخرج صاحبها من الدين ، أو يلحقه بزمرة الفاسقين والمنحرفين؟!!
لا أحتمل فقيها يفتي بذلك أو يفكر أن يفتي به.
قد يقول :
عرفنا فضيلة الانتظار ولكن ما هي شروطه؟
والجواب :
أنّ الفرد الرساليّ الذي يحمل همّ الانتظار لا بدّ أن تتوفّر فيه عناصر ثلاثة :
ـ اعتقادية ـ ونفسية ـ وسلوكيّة.
ـ أمّا العنصر الأول : فيجب على الفرد أن يعتقد بأنّ إمام الزمان (عج) الشريف هو الفرد الّذي ادّخره سبحانه لتنفيذ غرضه الإلهيّ من بسط العدل وإماتة
__________________
(١) في مجلة المنطلق عدد ٥١ الصادرة عام ١٩٩١ تحت عنوان حول الإمام المهدي عليهالسلام.