ونزيده فنقول : والحقيقة أنّه لا بدّ من أن تظهر اليهودية والنصرانية في كثير من المعتقدات والأحكام الإسلامية لأنّ النبي الأكرم جاء مصداقا لما بين يديه من الشرائع السماوية وأن نسخ بعض أحكامها ، فظهور اليهودية أو النصرانية في بعض المعتقدات الإسلامية ليس عيبا في الإسلام ، على تقدير أنّ الرجعة من الآراء اليهودية كما يدّعيه هذا الكاتب.
وعلى كلّ حال فالرجعة ليست من الأصول التي يجب الاعتقاد بها والنظر فيها وإنما اعتقادنا بها كان تبعا للآثار الصحيحة الواردة عن آل البيت عليهمالسلام الذين ندين بعصمتهم من الكذب ، وهي من الأمور الغيبيّة التي أخبروا عنها ، ولا يمتنع وقوعها.
* * *
يقع الكلام في الرجعة ضمن نقاط :
النقطة الأولى : في معنى الرجعة :
الرجعة : من الرجوع والرجع أي العود بعد الذهاب ومنه قوله تعالى : (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) (الطارق / ٩) أي أنه تعالى قادر على إرجاع الميّت إلى الحياة بعد موته.
وقوله تعالى : (إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ) أي عودكم إليه تعالى لأنّه خلقكم ابتداء فتعودون إليه انتهاء. قال تعالى : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) (البقرة / ١٥٧).
(وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ) (الأنبياء / ٩٤).
فالرجعة والمراجعة والرجوع كلها بمعنى المعاودة التي هي نقيض الذهاب.
والرجعة : بالفتح عود البدن إلى الدنيا بعد الموت ، بعد ظهور القائم المنتظر (عج) الشريف ، بمعنى أنّ الله سبحانه يعيد أرواح بعض المخلصين إلى أبدانهم ليفوزوا بنصرته عليهالسلام. وثبوت الرجعة من العقائد التي يتوقف الإيمان بها على الأدلة السمعيّة من الكتاب والسنّة ، وهي من الضروريات عند الشيعة دون غيرهم من الفرق المبتدعة بعد موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومنكرها إجمالا خارج عن ربقة الإيمان.
وقد أنكر جمهور السنّة على الشيعة إيمانهم بالرجعة حتى قال في النهاية : «الرجعة مذهب قوم من العرب في الجاهلية وطائفة من فرق المسلمين وأهل البدع