ثانيا : إنّ من الجائز أنّ يستعدّ الإنسان لكمال موجود في زمان بعد زمان حياته الدنيوية الأولى فيموت ثم يحيا لحيازة الكمال المعدّ له في الزمان الثاني ، أو يستعدّ لكمال مشروط بتخلل حياة ما في البرزخ فيعود إلى الدنيا بعد استيفاء الشرط ، فهذا الاستعداد للتكامل متصل بمرحلة ما قبل الموت الأول ، فهو نوع تتمّة للحياة الأولى.
ثالثا : على القول بعدم تكليف أهل الرجعة ، يكون رجوعهم من باب إدخال السرور على قلوبهم ممّا يرون من ظهور الحق أو من باب إعطاء الثواب لهم عن طريق التنعّم مع مولاهم المنتظر (عج) الشريف في دولة الحق ، لما اعتقدوه سابقا بأحقيّة الأئمة عليهمالسلام من غيرهم أو لما انتظروه بفارغ الصبر من إعلاء كلمة الله تعالى وإزهاق كلمة الشيطان.
استبعاد وحل :
استبعد السيد فضل الله رجوع بعض المؤمنين للدنيا في عهد القائم المهدي عليهالسلام ، ووجه استبعاده ليست الاستحالة العقلية بمقدار ما هي أمور مرتبطة بالمبررات العملية الواقعية لا سيما التحديات الفكرية في هذه المسألة التي ليست من أصول العقيدة وقد جاء هذا الحديث في محور كلامه عن الرجعة في مجلة الفكر الجديد ص ١٣ ومجلة المعارج المجلد ٦ السنة الثامنة ص ٣٢٨ قال : «يحدثنا الشيخ المفيد عن اختلاف علماء الإمامية في تفسير معنى الرجعة التي اتفقوا عليها من حيث المبدأ ، فقد كان جماعة من الشيعة يؤولون الاخبار الواردة في الرجعة على طريق الاستفاضة إلى رجوع الدولة ورجوع الأمر والنهي إلى الأئمة عليهمالسلام وإلى شيعتهم وأخذهم بمجاري الأمور دون رجوع أعيان الأشخاص ... وإذا كان محققو الشيعة قد رفضوا هذا التأويل لعدم لزوم محال عقلي في هذا الموضوع ، فإننا نتصور أن هؤلاء القوم لم ينطلقوا في تأويلهم من الاستحالة العقلية ، لأن الرجعة ليست أشد صعوبة من البعث ، ولكنهم انطلقوا من الفكرة التي تثير التساؤل حول ضرورة ذلك ، فإذا كان المقصود الانتصاف للمظلومين من الظالمين وغلبة المحقين على المبطلين ، فإن ذلك حاصل يوم القيامة ، وإذا كانت القضية هي إظهار الحق على الباطل ، وبسط العدل في الكون فإن وجود الدولة المهديّة الشاملة كفيل بذلك ، وإذا كانت المسألة تحقيق الامنيات في دولة الحق للمؤمنين وشفاء غيظهم من معاصريهم من المبطلين فيما يمكن أن