يحده شيء وليس فوقه شيء.
إذن : إن تحديد الرجعة بالأمور الثلاثة وبما ذكرنا آنفا كافية بإظهار الحكمة منها ، وقد توجد كلمة أخرى لم نحط بها خبرا ، فلا يحق لنا طرح النصوص التي بيّنت وجه الحكمة من الرجعة لمجرد الاستحسان لا سيما وأن المسألة ترتبط بالغيب وما لا طريق لنا إلى الاطلاع عليه. (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) (الإسراء / ٣٧).
هذه أهم التساؤلات في الرجعة التي استنكرها علينا العامة وعابوا بها على الشيعة وألصقونا باليهود المعتقدين أيضا بالرجعة ، ويؤسفنا أنّ هذه التهم قد صدرت وتصدر من علماء العامة القدامى والجدد ، منهم :
الطبري ، قال : إنّ من العقائد التي روّجها ابن سبأ عقيدة الرجعة عند ما قال لأهل مصر «العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذّب بأنّ محمدا يرجع ، وقد قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) فمحمد أحقّ بالرجعة من عيسى قال : فقبل ذلك عنه ، ووضع لهم الرجعة فتكلموا فيها» (١).
وقال أبو الحسن الأشعري :
السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ ، يزعمون أن عليّا لم يمت وأنه يرجع إلى الدنيا قبل القيامة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ... ثم قال : والسبئية يقولون بالرجعة وأنّ الأموات يرجعون إلى الدنيا» (٢).
وكذا الشهرستاني في الملل والنحل ذكر أن ابن سبأ أول من قال بالرجعة (٣).
وقال السكسكي :
كان ابن سبأ وفرقته يقولون بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت وهو أول من قال بذلك(٤).
__________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٣ ص ٣٧٨ ط. الأعلمي حوادث سنة ٣٥ ه.
(٢) مقالات الإسلاميين : ص ٨٦.
(٣) الملل والنحل للشهرستاني : ج ١ ص ١٧٤.
(٤) البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان : ص ٨٥.