النقطة الأولى : تعريفها لغة واصطلاحا :
التقية لغة : الحذر والحفظ ؛ والتقية اسم ل (اتقى يتقي) ووقى وقاية : أي حفظ الشيء مما يؤذيه ويضرّه يقال : وقيت الشيء : أقيه وقاية ووقاء.
قال سبحانه : (وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا).
والتقوى : جعل النفس في وقاية مما يخاف ، وصارت التقوى في عرف الشرع حفظ النفس عمّا يؤثم وذلك بترك المحظور.
وأما تعريفها اصطلاحا : فهي إظهار خلاف الواقع في الأمور الدينية بقول أو فعل خوفا على النفس أو المال أو العرض.
أو بعبارة أخرى : هي التحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق(١).
وبعبارة موجزة : هي إبطان الإيمان وإظهار الكفر أو التظاهر بالباطل وإخفاء الحق خوفا على نفسه أو عرضه أو ماله. فهي بهذا المعنى تقابل النفاق ، تقابل الإيمان والكفر ، فإنّ النفاق ضدها وخلافها ، فهو عبارة عن إظهار الإيمان وإبطان الكفر ، والتظاهر بالحق وإخفاء الباطل ، ومع وجود هذا التباين بينهما فلا يصح عدها من فروع النفاق ، كما اتّهمنا بذلك الجميلي (٢) بحسب فهمه المنكوس للتقية بعد استعراضه للروايات الصادرة عن العترة الطاهرة بشأن التقية قال :
«جاء في هذه الروايات الحثّ على التظاهر بخلاف ما يدين به الإنسان ويعتقده ، وهذه ليست من صفات المؤمنين ، بل هي من شيم المنافقين الذين قال الله فيهم : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (البقرة / ١٥) ، وقال في وصفهم (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) (البقرة / ١٦٨) انتهى.
والجواب :
إنّ مفهوم هذه الآيات يشير إلى أنّ المنافقين يبطنون الكفر ويظهرون الإيمان
__________________
(١) رسالة في التقية آخر مكاسب الشيخ الأنصاري : ص ٣٢٠ ط. قم.
(٢) بذل المجهود : ج ٢ ص ٦٣٩.