الأمر الأول : دليل العقل :
١ ـ إنّ الإمامة من لوازم الولاية ، فحكومتهم أو خلافتهم عليهمالسلام أحد مظاهر ولايتهم ، والولاء أمر قلبي لا يثبت إلّا بالقطع واليقين ، والفرع يثبت بالظن وخبر الواحد ، والقطع مقدّم على الظن ، فهي بذلك أصل بالقطع واليقين.
٢ ـ إنّ الإمامة لطف عام ، والنبوة لطف خاص لإمكان خلوّ الزمان عن نبيّ حيّ ، بخلاف الإمام ، وإنكار اللطف العام شرّ من إنكار اللطف الخاص ، فإذا كانت النبوة التي هي لطف خاص أصلا من أصول الدين ، فكذا الإمامة تكون أصلا بلا إشكال.
٣ ـ إن مرتبة الإمامة أرقى من مرتبة النبوة ، ونسبة الإمامة إلى النبوة ، نسبة العلة المبقية إلى العلة المحدثة ، فإذا كانت العلة الموجدة (أي النبوة) واجبة ، فكذا العلة المبقية (أي الإمامة) بطريق أولى ، وحيث إن النبوة هي علة لوجود الأحكام والتشريعات ، فلا بدّ لها من علة مبقية تحافظ على تلك الأحكام والقوانين فتكون واجبة وأصلا من الأصول الكبرى.
٤ ـ الإمام لا شك أنه حافظ لكل الدين ، ولا بدّ للحافظ أن يكون على منزلة كبيرة لحفظ ما يراد حفظه وإلّا يقبح حفظ الداني للعالي ، والجاهل للعالم ، والسفيه للحليم ، فلو لم تكن الإمامة أصلا لما وجب على صاحبها حفظ الدين.
٥ ـ إنّ الناس مع تفاوتهم في العقول وهوى النفس ، فهم بهذا محتاجون غير كاملين ، فلولا إمام بينهم كان قيّما عليهم أمينا لديهم ، حافظا لأحكام نبيهم وأساس دينهم ، لفسدوا باندراس الملة وتغيير الأحكام والسنّة وازدياد المبتدعين فيها ، ونقص الملحدين منها ، وحصول الاشتباه على المسلّمين بها.
٦ ـ إنّ الإمامة على حدّ النبوة ، فالحاجة إلى النبي والإمام على نهج واحد ، بل وظيفة الثاني أشمل من الأول ، فإذا كانت النبوة أصلا ، فالإمامة بطريق أولى.
وسنتطرق إلى مزيد من الأدلة العقلية في النقطة الرابعة إن شاء الله تعالى.
الأمر الثانى : دليل الكتاب الكريم :
يستدل على أصولية الإمامة بآيات عدّة من كتاب الله العزيز منها :
١ ـ قوله تعالى : (الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (البقرة / ٢ ـ ٣).