تمهيد
قال المصنّف (قدسسره) :
إنّ الأئمة من آل البيت عليهمالسلام علموا من ذي قبل أنّ دولتهم لن تعود إليهم في حياتهم ، وأنّهم وشيعتهم سيبقون تحت سلطان غيرهم ممّن يرى ضرورة مكافحتهم بجميع وسائل العنف والشدّة.
فكان من الطبيعيّ ـ من جهة ـ أن يتخذوا التكتم «التقيّة» دينا وديدنا لهم ولأتباعهم ، ما دامت التقيّة تحقن من دمائهم ولا تسيء إلى الآخرين ولا إلى الدّين ، ليستطيعوا البقاء في هذا الخضمّ العجاج بالفتن والثائر على آل البيت بالإحن.
وكان من اللازم بمقتضى إمامتهم ـ من جهة أخرى ـ أن يتصرفوا إلى تلقين أتباعهم أحكام الشريعة الإسلامية ، وإلى توجيههم توجيها دينيا صالحا ، وإلى أن يسلكوا بهم مسلكا اجتماعيّا مفيدا ، ليكونوا مثال المسلم الصحيح (العادل).
وطريقة آل البيت في التعليم لا تحيط بها هذه الرسالة ، وكتب الحديث الضخمة متكفلة بما نشروه من تلك المعارف الدينية ، غير أنه لا بأس أن نشير هنا إلى بعض ما يشبه أن يدخل في باب العقائد فيما يتعلّق بتأديبهم لشيعتهم بالآداب التي تسلك بهم المسلك الاجتماعي المفيد ، وتقربهم زلفى إلى الله تعالى ، وتطهر صدورهم من درن الآثام والرذائل ، وتجعل منهم عدولا صادقين ، وقد تقدّم الكلام في (التقية) التي هي من تلك الآداب المفيدة اجتماعيا لهم ، ونحن ذاكرون هنا بعض ما يعن لنا من هذه الآداب.