الباب الثّاني والثّلاثون
عقيدتنا في زيارة القبور
قال المصنّف (قدسسره الشريف) :
وممّا امتازت به الإمامية بزيارة القبور : قبور النبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام ، وتشييدها وإقامة العمارات الضخمة عليها ، ولأجلها يضحّون بكل غال ونفيس عن إيمان وطيب نفس. ومردّ كل ذلك إلى وصايا الأئمة عليهمالسلام ، وحثّهم شيعتهم على الزيارة ، وترغيبهم فيما لها من الثواب الجزيل عند الله تعالى ، باعتبار أنها من أفضل الطاعات والقرابات بعد العبادات الواجبة ، وباعتبار أنّ هاتيك القبور من خير المواقع لاستجابة الدعاء والانقطاع إلى الله تعالى. وجعلوها أيضا من تمام الوفاء بعهود الأئمة عليهمالسلام ، (إذ أنّ لكل إمام عهدا في عنق أوليائه وشيعته ، وأن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة)(١).
وفي زيارة القبور من الفوائد الدينية والاجتماعية ما تستحقّ العناية من أئمتنا ، فإنها في الوقت الذي تزيد من رابطة الولاء والمحبة بين الأئمة وأوليائهم ، وتجدّد في النفوس ذكرى مآثرهم وأخلاقهم وجهادهم في سبيل الحق ، تجمع في مواسمها أشتات المسلمين المتفرقين على صعيد واحد ، ليتعارفوا ويتألفوا ، ثمّ تطبع في قلوبهم روح الانقياد إلى الله تعالى والانقطاع
__________________
(١) من قول الإمام الرضا عليهالسلام راجع كامل الزيارات لابن قولويه : ص ١٧٧.